ليخرج المعطوف بالواو المفيدة مطلق الجمع، وذكرت بنفسها ليخرج المعطوف بعد ما يفهم منه المصاحبة نحو أشركت زيدا وعمرا، ومزجتُ العسلَ والماء، فإن المصاحبة في مثل هذا مفهومة قبل ذكر الواو، بخلاف قولك: سرتُ والنيلَ، فإن المصاحبة لا تفهم فيه إلا بالواو. ثم قلت: "وفي اللفظ كمنصوب معدى بالهمزة" فنبهت بذلك على أن الواو معدّية ما قبلها من العوامل إلى ما بعدها فينتصب به بواسطة الواو فعلا كان ما عدّته، أو عاملا عمل الفعل نحو عرفت استواء الماء والخشبة، والناقة متروكة وفصيلها، ولست زائلا وزيدا حتى يفعل، وأنشد أبو علي:

لا تَحْبِسَنَّك أثوابي فقد جُمِعتْ ... هذا ردائي مَطْويًّا وسِرْبالا

وجعل "سربالا" مفعولا معه، وعامله مَطويا. وأجاز أن يكون عامله هذا. وظاهر كلام سيبويه المنع من إعمال هذا في مفعول معه، لأنه قال في آخر أبوابه "وأمّا مالكَ وأباكَ فقبيح، لأنه لم يذكر فعلا ولا حرفا فيه معنى فعل" أراد بقبيح ممنوعا، وبالحرف الذي فيه معنى الفعل حسبك وكفوك وما ذكر بعدهما في الباب، فلو كان اسم الإشارة عنده مثلها لم يحكم بقبح هذا لك وأباك، بل كان يحكم فيه بما بحكم في وَيْله وأباه، وهذا واضح والله أعلم.

فالواو التي يليها المفعول معه معدّية لا عاملة، هذا هو المذهب الصحيح، قال سيبويه بعد تمثيله بما صنعت وأباك، ولو تركت الناقة وفصيلها لرضعها: إنما أردت ما صنعت مع أبيك، ولو تركت الناقة مع فصيلها، فالفصيل مفعول معه والأب كذلك، "والواو لم تغير المعنى، ولكنها تُعْمِل في الاسم ما قبلها" هذا نصه.

وينبغي أن تعلم أن مذهبه عدم الاكتفاء في نصب المفعول معه بما يكتفى به في نصب الحال، فلا ينصبه العامل المعنوي كحرف التشبيه والظرف المخبر به، ولذلك لم ينصب بلك في هذا لك وأباك، ولا بحسبك في حسبك وزيدا درهم. وأكثر المتأخرين يغفلون عن هذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015