قولهم ذهب من معه، حكاه سيبويه، ومنه قراءة بعض القراء (هذا ذِكْرٌ من معي وذكرٌ مِن قبلي). وكان حقه أن يبنى لشبهه بالحروف في الجمود المحض والوضع الناقص، إذ هو على حرفين بلا ثالث محقق العود. والمراد بالجمود المحض ملازمة وجه واحد من الاستعمال، إلا أنه أعرب في أكثر اللغات لمشابهته عند في وقوعه خبرا وصفة وحالا وصلة، ودالّا على حضور وعلى قرب، فالحضور كـ "نجِني ومَن مَعِيَ" والقرب (فإن مع العُسْرِ يُسْرا) وكقول الراجز: إنَّ مع اليومِ أخاهُ غَدْوا

وهو فائقه بتمام الوضع، فقد فاق هو بوجه من التمكن وهو الإفراد وتضمن معنى جميع في نحو. جاء الزيدان معًا، ورأيتُ العُمَرين معا، واختلف في فتحة العين من "معًا" قيل هي فتحة إعراب كفتحة دال رأيت يدًا، فيكون الاسم ثنائي اللفظ في حالي الإضافة والإفراد (أم) كفتحة تاء فتى، فيكون الاسم قد جبر ونقص حين أفرد، فالأول مذهب سيبويه والخليل، والثاني مذهب يونس والأخفش، وهو الصحيح، لأنهم يقولون الزيدان معا والعمرون معا فيوقعون "معًا" في موقع رفع كما ترفع الأسماء المقصورة، كقولهم فتى وهم عِدًى، ولو كان باقيا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015