فشبّه انتصاب المفعول له بانتصاب المصدر المشبّه به، وفاعل المشبّه به غير فاعل ناصبه، فكذلك لا يمتنع أن يكون فاعل المفعول له غير فاعل ناصبه. وهذا بيّن والله أعلم. وأجاز ابن خروف في قول الشاعر:

مَدَّتْ عليك المُلكَ أطنابَها ... كأسٌ رَنَوْناةٌ وطِرْفٌ طِمِرَّ

على أن يكون نصب الملك على أنه مفعول له وأطنابها على أن يكون مفعولا به.

والمعنى أن هذا المخاطب تكون همته مقصورة على الأكل والشرب وشبههما. ورجح هذا الوجه على وجه غيره، وهو أن يكون الملك مفعولا به وأطنابها بدل والضمير عائد على الملك بتأويل الخلافة.

وزعم الزجاج أن المفعول له منصوب نصب نوع المصدر، ولو كان كذلك لم يجز دخول لام الجر عليه كما لا يدخل على الأنواع نحو سار الجمَزَى وعَدا البشَكَى، ولأن نوع المصدر يصح أن يضاف إليه كل ويخبر عنه بما هو نوع له كقولك كل جَمزَى سَيْرٌ، ولو فعل ذلك بالتأديب والضرب من قولك ضربته تأديبا لم يصح، فثبت بذلك فساد مذهب الزجاج.

وانجرار المستوفي لشروط النصب جائز مختصا كان بالألف واللام كقول الراجز:

لا أقْعُدُ الجُبْنَ عن الهَيْجاءِ ... ولو توالتْ زُمَرُ الأعداءِ

أو مضافا كقول حاتم:

وأغْفِرُ عَوْراءَ الكريم ادّخاره ? أو غير مختص كقوله أعني حاتما:

وأُعرِضُ عن شَتْم اللئيم تكرُّما

إلا أن انجرار المختص بالألف واللام أكثر من نصبه، ونصب غير المختص أكثر من انجراره، ويستوي الأمران في المختص بالإضافة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015