وليس مقيسا عند سيبويه مع كثرته، وهو عند الفراء والأخفش مقيس بشرط إفراده وتنكيره نحو سَقْيا له ورَعْيا، وجَوْعا لعدوّك وتعْسا، ومنه قول الشاعر:
سَقْيا لقومٍ لدَيْنا هُم وإنْ بَعدوا ... وخيبةً للأولى وجْدانُهم عَدَمُ
ومثله في الأمر:
فصَبْرا في مجال الموتِ صَبْرا ... فما نَيْلُ الخُلودِ بمُسْتطاعِ
ومثله في النهي:
قد زادَ حُزنُكَ لمّا قيل لا حَزَنا ... حتى كأنّ الذي ينهاكَ يُغْريكا
والوارد منه في خبر إنشائي: حمْدًا وشُكْرًا لا جَزَعا، وعَجَبا، وقَسَمًا لأفعلنَّ. قال سيبويه: ومما ينتصب فيه المصدر على إضمار الفعل المتروك إظهاره ولكنه في معنى التعجب قوله كَرَما وصلفا كأنه يقول أكرمك الله، ثم قال: لأنه صار بدلا من قولك أكرِمْ به وأصْلِفْ. قلت: وهذا أيضا مما يتناوله الخبر الإنشائي.
وأما الخبر غير الإنشائي فكقولك في وَعْد من يَعزُّ عليك: أفعلُ وكَرامةً ومَسَرَّةً، وكقولك للمغضوب عليه لا أفعل ولا كَيْدا ولا هَمًّا، ولأفعلنّ ما يسوؤك، ورَغْما وهَوانًا. وأما الوارد في التوبيخ مع استفهام فكقول الشاعر:
أذُلًّا إذا شبَّ العدى نارَ حَرْبهم ... وزَهْوا إذا ما يَجْنحون إلى السَّلْمِ