ولأنه لو كان المخالف لفظا لا ينتصب إلا بفعل من لفظه لم يجز أن يقع موقعه ما لا فعل له من لفظه نحو حلفت يمينا (فلا تميلوا كلَّ الميل) و (فاجْلدوهم ثمانينَ جلدةً) و (ولا تضرُّونه شيئا). فهذه وأمثالها لا يمكن أن يقدر لها عامل من لفظها، بل لا بد من كون العامل فيما وقع منها ما قبله مما هو موافق معنى لا لفظا. ووجب اطراد هذا الحكم فيما له فعل من لفظه ليجري الباب على سَنن واحد. وهذا الذي اخترته هو اختيار المبرد والسيرافي.
ص: ويُحذف عامل المصدر جوازا لقرينة لفظية أو معنوية. ووُجوبا لكونه بدلا من اللفظ بفعل مهمل، أو لكونه بدلا من اللفظ بفعل مستعمل في طلب أو خبر، إنشائي أو غير إنشائي أو في توبيخ مع استفهام ودونه. للنفس أو لمخاطب أو لغائب في حكم حاضر، أو لكونه تفصيل عاقبة طلب أو خبر، أو نائبا عن خبر اسم عين بتكرار أو حصر، أو مؤكد جملة ناصّة على معناه، وهو مؤكد نفسه، أو صائرة به نصّا وهو مؤكد غيره، والأصح منع تقديمها. ومن الملتزم إضمار ناصبه المشبهُ به مشعرا بحدوث بعد جملة حاوية فعله وفاعله معنى دون لفظ ولا صلاحية للعمل فيه. وإتباعه جائزٌ وإن وقعت صفة موقعه فإتباعها أولى من نصبها. وكذا التالي جملة خالية مما هو له، وقد يرفع مبتدأ المفيد طلبا وخبر المكرر والمحصور، والمؤكد نفسه، والمفيد خبرا إنشائيا وغير إنشائي.
ش: حذف عامل المصدر جوازا لقرينة لفظية كقولك لمَن قال: أيَّ سَيْر: سَيْرا حثيثا، ولمن قال ما قمت: بلى قياما طويلا. وحذفه لقرينة معنوية كقولك لمن تأهب لسفر: تأهبا مباركا وسفرا مأمونا، ولمن قدم من الحجّ: حجّا مبرورا وسَعْيا مشكورا. والمحذوف العامل وجوبا لكونه بدلا من اللفظ بفعل مهمل إما مفرد كقولهم أُفَّةَ وتُفَّةَ ودَفْرا بمعنى نتنا، وبهرا بمعنى تبّا كقول الشاعر: