موقعه. ويجوز أن يكون نصب المراء بفعل مضمر غير الذي نصب إياك، وعلى كل حال فلا يجوز مثل هذا إلا في الشعر.
وليس العطف بعد إياك من عطف الجمل خلافا لابن طاهر وابن خروف، ولا من عطف المفرد على تقدير: اتّق نفسَك أن تدْنوَ من الشر، والشرَّ أن يدنو منك، بل هو من عطف المفرد على تقدير: اتَّق تلاقي نفسِك والشرَّ، فحُذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، ولا شك أنّ هذا أقلُّ تكلّفا فكان أولى. ويساوي التحذير في كل ما ذكرته الإغراء نحو: أخاك، بإضمار الزم وشبهه.
فصل: ص: يُحذف كثيرا المفعول به غير المخبر عنه والمخبر به والمتعجب منه والمجاب به والمحصور والباقي محذوفا عامله، وما حذف من مفعول به فمنوي لدليل أو غير منويّ، وذلك إمّا لتضمين الفعل معنى يقتضي اللزوم أو للمبالغة بترك التقييد، وإمّا لبعض أسباب النيابة عن الفاعل".
ش: الغرض الآن بيان ما يجوز حذفه وما لا يجوز (حذفه) من المفاعيل، فاسثنيت المخبر عنه قاصدا المفعول القائم مقام الفاعل، والأول من مفعولي ظنّ وأخواتها والثاني من مفاعيل أعلم وأخواتها، فإن الكلام على ذلك قد تقدّم.
واستثنيت أيضا المفعول المتعجب منه كزيد من قولك: ما أحْسنَ زيدا: فإن بيان ما يحتاج إليه يأتي في بابه إن شاء الله تعالى. وما سوى ذلك من المفاعيل يجوز حذفه إن لم يكن جوابا كقولك زيدا، لمن قال مَن رأيتَ، ولا محصورا كقولك ما رأيتُ إلا زيدا، ولا محذوفا عامله كقولك خيرا لنا وشرّا لعدوّنا، فهذه الأنواع الثلاثة من المفاعيل لا يجوز حذفها، وما سواها يجوز حذفه، والمحذوف على ضربين: أحدهما ما حذف لفظا ويراد معنى كالعائد إلى الموصول في قوله تعالى: (فَعّالٌ لما يريد). والثاني ما يحذف لفظا ومعنى، والباعث على ذلك إما تضمين الفعل معنى يقتضي اللزوم، وإمّا قصد المبالغة، وإما بعض أسباب النيابة عن الفاعل.