واطرد حذف حرف الجر مع أنّ وأنْ وإن تعيّن عند حذفه نحو عجبتُ أنْ يُبغَض ناصحٌ وطمعت أنّك تُقبل. فلو لم يتعيّن الحرف عند حذفه مع أنّ وأنْ لامتنع الحذف نحو رغبت أن يكون كذا، فإنه لا يُدرى هل المراد رغبت في أن يكون أو عن أن يكون، والمرادان متضادان معنى فيمتنع الحذف في مثل هذا.

ومذهب الخليل والكسائي في "أنّ وأنْ" عند حذف حرف الجر المطرد حذفه أنهما في محل جر، ومذهب سيبويه والفراء أنهما في محل نصب وهو الأصح، لأن بقاء الجر بعد حذف عامله قليل والنصب كثير، والحمل على الكثير أولى من الحمل على القليل. وقد يستشهد لمذهب الخليل والكسائي بما أنشده الأخفش من قول الشاعر:

وما زُرتُ ليلى أنْ تكون حبيبةً ... إليَّ ولا دَيْنٍ بها أنا طالِبُهْ

وأجاز علي بن سليمان الأخفش أن يحكم باطراد حذف حرف الجر والنصب فيما لا لبس فيه كقول الشاعر:

وأُخفي الذي لولا الأسى لقضاني

والصحيح أن يتوقف فيه على السماع. قال سيبويه بعد أن حكى قولهم: عددتك ووزنتُك وكِلْتُك: ولا تقول وهبتُك، لئلا يتوهم كون المخاطب موهوبا، فإذا زال الإشكال نحو وهبتك الغلام جاز. وحكى أبو عمرو الشيباني: انطلقْ معي أهَبْك نَبْلا، يريد أهبُ لك. ولا خلاف في شذوذ حرف الجر وبقاء عمله كقول الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015