خروف: فقد أفسد اللفظ والمعنى، وقال الأخفش في "المسائل" تقول ضُرب الضربُ الشديدُ زيدا وضُرب اليومان زيدا وضُرب مكانُك زيدا ووُضع موضعُك المتاعَ. ومن مسائله: أُعطِي إعطاءٌ حسنٌ أخاك درهما، ويا مضروبا عنده زيدا.
ص: ولا يمتنع نيابة غير الأول من المفعولات مطلقا إن أُمن اللبسُ ولم يكن جملة أو شبهها خلافا لمن أطلق المنع في باب ظن وأعلم. ولا ينوب خبر كان المفرد خلافا للفراء، ولا مميز خلافا للكسائي، ولا يجوز كين يقام ولا جُعل يفعل، خلافا له وللفراء.
ش: لا خلاف في جواز نيابة ثاني المفعولين من باب أعطى إذا أمن اللبس نحو أعطيت زيدا درهما، ولا في منعها إن خيف اللبس نحو أعطيت زيدا عمرا، فيجوز في المثال الأول أن يقال أعطى درهمٌ زيدا، لأن اللبس فيه مأمون. ولا يجوز في المثال الثاني أن يقال أُعطِي عمروا زيدا، لأن عمرا مأخوذ فيتوهم كونه آخذا. ومنع الأكثرون نيابة ثاني المفعولين جملة ولا ظرفا ولا جارا ومجرورا، وذلك مثل قولنا: في ظننت الشمس بازغة: ظُنّتْ بازغةٌ الشمسَ، وفي علمت قمر الليلة بدرا: عُلم بدرٌ قمرَ الليلة، وفي اتخذ الناس مقام إبراهيم موضع صلاة: اتُّخذ موضعُ صلاة مقامَ إبراهيم، فيجوز هذا وأمثاله، كما يجوز أُعطي درهمٌ زيدا وأُدخِلَ القبرُ الميتَ وكُسيت الجبة عمرا، لأن المعنى مفهوم واللبس مأمون. وإذا كان أمن اللبس مسوّغا لجعل الفاعل مفعولا والمفعول فاعلا في كلام واحد نحو خرق الثوبُ المسمارَ - وبلغتْ سوءاتِهم هجرُ - فجواز هذه المسائل وأشباهها أحق وأولى.
فلو خيف اللبس لم ينب إلا الأول نحو علم صديقُك عدوَّ زيد، فإن معناه عُلم المعروف بصداقتك أنه عدو زيد، فصداقة المخاطب مستغنية عن الإخبار بها وعداوة زيد مفتقرة إلى الإخبار بها فلو عكست لانعكس المعنى. وأكثر مسائل هذا الباب هكذا، ولذا منع الأكثرون نيابة الثاني مطلقا. ويجوز أيضا أن يقال في أعلمت زيدا كبشك سمينا: أُعلم كبشُك سمينا زيدا، لأن زيدا والكبش مستويان في المفعولية ومباينة الفاعلية فتساويا في قبول النيابة عن الفاعل على وجه لا يخل بفهم ولا يوقع في وهم.