فثنى الضمير قاصدا للخير والشر ولم يجر إلا ذكر أحدهما، ولكن الإشعار بما لم يذكره بمنزلة ذكره. ومن الإسناد إلى مدلول عليه قول بعض العرب: إذا كان غدا فائتني، أي إذا كان غدا ما نحن عليه الآن فائتني. ومثله قول الشاعر:
فإنْ كان لا يُرضيكَ حتّى ترُدّني ... إلى قَطَرِيّ لا إخالَك راضِيا
أي إن كان لا يرضيك ما تشاهده منّي ...
ومن الفاعل المؤول قوله تعالى: (وتبَيَّنَ لكم كيف فعلنا بهم) ففاعل تبين مضمون كيف فعلنا كأنه قال وتبيّن لكم كيفيةُ فعلنا بهم. وجاز الإسناد في هذا الباب باعتبار التأويل، كما جاز في باب الابتداء نحو: (سواءٌ عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم) فإنه أُوّل سواء عليهم الإنذارُ وعدمه كما جاز في هذا الباب أن يقال:
ما ضَرَّ تغلبَ وائلٍ أهَجَوْتَها
على تأويل ما ضرّها هَجْوُك إياها. ومثل (وتبين لكم كيف فعلنا بهم): (أفلم يهد لهم كم أهلكنا) على تأويل أو لم يَهْد لهم كثرةُ إهلاكنا.
ومن الإسناد إلى مدلول عليه قوله تعالى (إذا أخرج يده لم يكد يراها) ففاعل أخرج ضمير الواقع في البحر الموصوف ولم يجر له ذكر، لكن سياق الكلام يدل عليه. ومثله قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو