أي لم يزد انتخاؤك. كذا قال أبو علي، وكقوله تعالى: (ثم بدا لهم من بعد ما رأو الآيات ليسجُنُنَّهُ).
قيل إن المعنى: بدا لهم بداء. كما قال: بدا لك في تلك القَلوص بداءُ
أي ظهر لك فيها رأي. ولا يجوز مثل هذا الإسناد إلى مصدر الفعل حتى يشعر برأى مثل ظهر وبان وتبيّن، أو يكون الفعل فعل استثناء كقاموا ما عدا زيدا وخلا عمرا وحشا بكرا. ومن الإسناد إلى مدلول عليه قول الشاعر:
أقولُ إذا ما الطيرُ مرّت مخيلةً ... لعلك يوما فانتظرْ أنْ تنالها
أأدرك من أمِّ الحُويرث غبطةً ... بها خَبَّرتْني الطيرُ أم قد أنى لها
أي أنى لها ألَّا أدرك، لأن ذكر أم بعد الهمزة التي وليها أحد الضدين مشعر بأن ثانيهما مراد. وهذا شبيه بقوله تعالى: (وما يُعَمَّرُ من معمر ولا ينقص من عمره) لأن ذكر المعمّر مشعر بمقابله وهو القصير العمر، فأعيدت هاء عمره إليه ولم يذكر لإشعار مقابله. ومثله قول الآخر:
وما أدري إذا يمَّمْتُ أرضا ... أريدُ الخيرَ أيُّهما يلِيني