ولم يُبْق أنْواء الثماني بقيَّةً ... من الرَّطْب إلّا بَطْنُ وادٍ وحاجِرُ
أنشده أبو علي في التذكرة وقال: رفع على معنى بَقى بطنُ واد وحاجر. ومن إضمار فعل الفاعل المجاب به [نفى] قولك: ما جاء أحد: بلى زيدٌ، تريد بلى جاء زيد. ومثله قول الشاعر:
تجلّدتُ حتى قيل لم يَعْرُ قلبَه ... من الوجد شيء، قلتُ: بل أعظمُ الوَجدِ
أراد بل عزاه أعظم الوجد. ومثال إضمار فعل الفاعل المجاب به استفهام ظاهر قولك: نعم زيد لمن قال: هل جاءك زيد؟. ومثله قول الشاعر:
ألا هل أتى أمَّ الحُويرث مُرسلي ... نعمْ خالدٌ، إن لم تَعُقْه العوائقُ
أراد نعم أتاها خالد. فمثل هذا لا يرتاب في أن المجاب به مرفوع بفعل مقدر، لأنه جواب جملة قدم فيها الفعل، وحق الجواب أن يشاكل ما هو له جواب. فإن كانت جملة الاستفهام مؤخرا فيها الفعل فحق المجاب به من جهة القياس أن يؤخر فيه الفعل لتتشاكل الجملتان.
هذا مقتضى النظر لولا أن الاستعمال بخلافه، وذلك أن جواب الاستفهام المقدم فيه الاسم لا يجيء مكملا إلا والفعل فيه مقدم على الاسم كقوله تعالى: (ولئنْ سألتهم من خلق السموات والأرض ليقولنَّ خلقهنّ العزيز العليم). وكقوله تعالى: (يسألونكَ ماذا أُحِلَّ لهم قلْ أحِل لكم الطيبات). وكقوله تعالى: (قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرّة).