نحو: (ولولا دفاعُ الله الناسَ) وقلت بإضافة المسند ولم أقل بإضافة المصدر، لأن المسند الصالح للإضافة قد يكون اسم مصدر كما يكون مصدرا، فالمصدر ظاهر، واسم المصدر كقوله صلى الله عليه وسلم: "من قُبْلة الرجل امرأتَه الوضوءُ" فالرجل مجرور اللفظ مرفوع المعنى بإسناد ما قبلةَ إليه فإنها قائمة مقام تَقْبيل، ولذا انتصب بها المفعول. وكذا المجرور بمن والباء مرفوع معنى. ولو عطف عليه أو نعتَ لجاز في المعطوف والنعت الجر باعتبار اللفظ، والرفع باعتبار المعنى.
ثم تبينت أن رافع الفاعل هو ما أسند إليه من فعل أو مضمن معناه، لا الإسناد كما يقول خلف؛ لأن الإسناد نسبة بين المسند والمسند إليه، وليس عملها في أحدهما بأولى من عملها في الآخر، ولأن العمل لا ينسب إلى المعنى إلا إذا لم يوجد لفظ صالح للعمل، والفعل موجود فلا عدول عنه.
وإن قُدّم الاسم على الفعل أو ما ضُمّن معناه صار مرفوعا بالابتداء وبطل عمل ما تأخر فيه؛ لأنه تعرض بالتقدم لتسلط العوامل عليه كقولك في: زيد قام، إنّ زيدا قام. فتأثر زيد بإن دليل على أن الفعل شغل عنه بفاعل مضمر، وأن رفع زيد إنما كان بالابتداء وهو عامل ضعيف فلذلك انتسخ عمله بعمل إن، ولأن اللفظ أقوى من المعنى. ولو كان الفعل غير مشغول بمضمر حين أخّر كان حين قُدّم لم يلحقه ألف الضمير ولا واوه ولا نونه في نحو: الزيدان قاما، والزيدون قاموا، والهندات قمن، كما لا يلحقه في نحو: قام الزيدان، وقام الزيدون وقامت الهندات إلا في لغة ضعيفة. وإن كان الاسم المقدم عليه مسبوقا بما يطلب الفعل فهو فاعل فعل مضمر يفسِّره الظاهر المتأخر نحو (وإنْ أحدٌ من المشركين استجارك) وكقول