ولقد نزلتِ فلا تظُنِّي غيره ... مني بمنزلة المُحَبِّ المكرم
أي: فلا تظني غيره كائنا، وقال آخر:
كأن لم يكنْ بين إذا كان بعده ... تلاقٍ ولكن لا إخال تلاقيا
أي لا إخال الكائن تلاقيا، أو لا إخال بعد البين تلاقيا. ومن المحذوف لدليل قول الشاعر:
وأنتِ غريمٌ لا أظن قضاءه ... ولا العَنَزِيُّ القارِظُ الدهرَ جائيا
وقد يحذفان معا إن وجدت فائدة، كقوله تعالى: (والله يعلم وأنتم لا تعلمون). وكقوله تعالى: (أعنده علم الغيب فهو يرى). وكقولهم: من يسمع يخل. وكقوله:
بأيِّ كتابٍ أم بأيّةِ سُنّةٍ ... ترى حبَّهم عارا عليّ وتحسب
فلو لم تقارن الحذف قرينة تحصل بسببها فائدة لم يجز الحذف، كاقتصارك على: أظن، من قولك: أظن زيدا منطلقا، فإنه غير جائز، فإن غرضك الإعلام بأن إدراكك لمضمون الجملة بظَنٍّ لا بيقين، فتنزل الظن من جملة الحديث منزلة: في ظني، فكما لا يجوز لمن قال: زيد منطلق في ظنِّي، أن يقتصر على: في ظنِّي، كذا لا يجوز لمن قال: أظن زيدا منطلقا، أن يقتصر على أظن. ولأن قائل: أظن أو أعلم دون قرينة تدل على تحدد ظن أو علم، بمنزلة قائل: النار حارة، في عدم الفائدة، إذ لا يخلو إنسان من ظن ما، ولا عِلْم ما. ومنع الاقتصار على أظن ونحوه