وكقول الراجز:
إنّ لنا عُزّى ولا عزى لكم
والثاني كقول العرب: قضية ولا أبا حسن لها. لما أوقعوا العلم موقع نكرة جردوه من الألف واللام واللتين كانتا فيه كقوله: ولا عزى لكم، أو فيما أضيف إليه كقولكم: ولا أبا حسن. فلو كان العلم عبد الله لم يعامل بهذه المعاملة للزوم الألف واللام، وكذا عبد الرحمن على الأصح، لأن الألف واللام لا تنزعان منه إلا في النداء.
وقدر قوم المعامل بهذه المعاملة مضافا إليه "مثل" ثم حذف وأقيم العلم مقامه في الإعراب والتنكير، كما فعل بأيدي سبا في قولهم: تفرقوا أيدي سبا، يريدون مثل أيدي سبا، فحذفوا المضاف وأقاموا المضاف إليه مقامه في النصب على الحال.
وقدره آخرون بلا مسمى بهذا الاسم، وبلا واحد من مسميات هذا الاسم.
ولا يصح واحد من التقديرات الثلاثة على الإطلاق:
أما الأول فممنوع من ثلاثة أوجه: أحدها: ذكر مثل بعده كقول الشاعر:
تبكي على زيد ولا زيد مثلُه
فتقدير "مثل" قبل زيد مع ذكر مثله بعده وصفا أو خبرا، يستلزم وصف الشيء بنفسه، أو الإخبار عنه بنفسه، وكلاهما ممتنع.
الثاني: أن المتكلم بذلك إنما يقصد نفي مسمى العَلم المقرون بلا، فإذا قدر مثل لزم خلاف المقصود، لأن نفي مثل الشيء لا تعرض فيه لنفي ذي المثل.
الثالث: أن العلم المعامل بها قد يكون انتفاء مثله معلوما لكل أحد، فلا يكون في نفيه فائدة نحو: لا بصرة لكم، ولا أبا حسن لها، ولا قريش بعد اليوم.