قلت: ومما يدل على أن الفتحة المشار إليها فتحة بناء لا فتحة إعراب ثبوتها في: ولا لذاتَ للشيب، في الرواية المشهورة، وتوجيه رواية الكسر على أن يكون لذات منصوبة لكونه مضافا أو شبيها بالمضاف، على نحو ما يوجه به: لا أبا لك، ولا يدي لك، وسيأتي بيان ذلك مستوفى بعون الله تعالى. وقد قال سيبويه في الثاني من أبواب لا في النفي: اعلم أن التنوين يقع من المنفي في هذا الموضع إذا قلت: لا غلام لك، كما يقع من المضاف إلى اسم، ذلك إذا قلت: "لا مثل زيد" فعلم بهذا أن فتحة ميم: لا غلام لك، كفتحة: لا مثلَ زيد، لأنهما عنده سيان في الإضافة، فعلى هذا تكون كسرة تاء: لا لذات، كسرة إعراب، لكونه مضافا واللام مقحمة، وهذا واضح بلا تكلف.

وندر تركيب النكرة مع لا الزائدة كقول الشاعر:

لو لم تكن غَطفان لا ذنوبَ لها ... إذن للام ذوو أحسابها عُمَرا

وهذه من التشبيه الملحوظ فيه مجرد اللفظ، وهو نظير تشبيه ما الموصولة بما النافية في قول الشاعر:

يُرَجِّي المرءُ ما إنْ لا يراه ... وتعرضُ دون أدناه الخطوبُ

فزاد إنْ بعد الموصولة، وإنما تزاد بعد النافية، لكن سوغ ذلك كون اللفظ واحدا. والمشهور الوارد على القياس أن يقال في اسم "لا" إذا كان أبا أو أخا: لا أب له، ولا أخ لك، كما قال نهار اليشكري:

أبي الإسلامُ لا أبَ لي سواه ... إذا افتخروا بقيس أو تميم

وأن يقال فيه إذا كان مثنى أو شبهه كما قال الشاعر:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015