علامة التثنية، وبكون اليوم إذا بني يصير مؤقتا، والمحمول على إذ لا يكون مؤقتا، وإنما يكون مبهما أي صالحا لنهار وليلة وللقليل والكثير، واليوم المفرد بهذه المنزلة، كقوله تعالى: (ويوم يقول كن فيكون* قوله الحق). وقوله تعالى: (كل يوم هو في شأن).
والحاصل أن يوما لإبهامه أشبه إذ فحمل عليه في البناء إذا استعمل استعماله، فإذا ثنى زال إبهامه. فلم يصلح أن يحمل على إذ للزوم إبهامها وصلاحيتها لكل زمان ماض ليلا كان أو نهارا، قليلا كان أو كثيرا.
وزعم أبو إسحاق الزجاج والسيرافي أن فتحة: لا رجلَ، وشبهه فتحة إعراب، وأن التنوين حذف منه تخفيفا، ولشبهه بالمركب. وهذا الرأي لو لم يكن في كلام العرب ما يبطله لبطل بكونه مستلزما مخالفة النظائر، فإن الاستقراء قد أطلعنا على أن حذف التنوين من الأسماء المتمكنة لا يكون إلا لمنع صرف، أو للإضافة، أو لدخول الألف واللام، أو لكونه في علم موصوف بابن مضاف إلى علم، أو لملاقاة ساكن، أو لوقف، أو لبناء، والاسم المشار إليه ليس ممنوعا من الصرف، ولا مضافا، ولا ذا ألف ولام، ولا علما موصوفا بابن، ولا ذا التقاء ساكنين، ولا موقوفا عليه، فتعين كونه مبنيا، كيف وقد روي عن العرب: جئتَ بلا شيءَ، بالفتح وسقوط التنوين، كما قالوا: جئت بخمسةَ عشرَ، والجار لا يلغى ولا يعلق، فثبت البناء بذلك يقينا. والعجب من الزجاج والسيرافي في زعمهما أن ما ذهبا إليه من أن فتحة: لا رجلَ، وشبهه، فتحة إعراب هو مذهب سيبويه، استنادا إلى قوله في الباب الأول من أبواب لا: "ولا تعمل فيما بعدها منتصبة بغير تنوين" وغفلا عن قوله في الباب الثاني: واعم أن المنفي الواحد إذا لم يل "لك" فإنما يُذْهَب منه التنوين كما أُذْهِب من خمسةَ عشرَ، لا كما أذهب من المضاف". فهذا نص لا احتمال فيه.