وإلا فاعلموا أنا وأنتم ... بغاةٌ ما بقينا في شقاق

تقديره عند سيبويه: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك، حمله على التقديم والتأخير، كما حمل آية المائدة، فسوَّى بين إنّ وأنّ، فصح أن من فرّق بينهما على الإطلاق مخالف لسيبويه. وجعل من هذا القبيل قوله تعالى: (أن الله بريءٌ من المشركين ورسولُه). وزعم قوم أنه إنما أورده بكسر الهمزة، وهي قراءة الحسن، وهو بعيد من عادة سيبويه، فإنه إذا استدل بقراءة تخالف المشهور لا يستغنى عما يشعر بذلك، كما فعل إذ أورد: (وإذا لا يلبثوا خلفك إلا قليلا).

وأجاز الكسائي رفع المعطوف بعد إن قبل الخبر مطلقا، فيقول: إن زيدا وعمرٌو قائمان، وإنك وزيدٌ ذاهبان. ووافقه الفراء إن خفي إعراب الاسم نحو: إنك وزيدٌ ذاهبان، وكلا المذهبين ضعيف، لأن إنّ وأخواتها، فكما امتنع بكان أن يكون للجزأين إعراب في المحل يخالف إعراب اللفظ يمتنع بإنّ، ولو جاز أن يكون اسم إن مرفوع المحل باعتبار عروض العامل، لجاز أن يكون خبر كان مرفوع المحل بذلك، ولا اعتبار لتساويهما في أصالة الرفع وعروض النصب، ولا حجة لهما فيما حكى سيبويه من قول بعض العرب: إنهم أجمعون ذاهبون، وإنك وزيد ذاهبان. لأن الأول يخرج على أن أصله: إنهم هم أجمعون ذاهبون، فهم مبتدأ، وأجمعون توكيد، وذاهبون خبر المبتدأ، وهو وخبره خبر إن. وأصل الثاني: إنك أنت وزيد ذاهبان، فأنت مبتدأ، وزيد معطوف، وذاهبان خبر المبتدأ، والجملة خبر إن. وحذف المتبوع وإبقاء التابع عند فهم المعنى جائز بإجماع، فالقول به راجح.

وغَلَّط سيبويه من قال: إنهم أجمعون ذاهبون، وإنك وزيد ذاهبان، فقال: واعلم أن ناسا من العرب يغلطون فيقولون: إنهم أجمعون ذاهبون، وإنك وزيد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015