روى عن الكسائي أنه كان يوجه هذا التوجيه في كل موضع نصب فيه بعد شيء من هذه الأحرف، ويقوي ما ذهب إليه إظهار كان بعد ليت وإن كثيرا، كقوله تعالى: (يا ليتني كنت معهم) و: (يا ليتني كنت ترابا) و: (إن الله كان بكم رحيما)، و: (إن الله كان على كل شيء حسيبا) و: (وما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما) و: (إنك كنت بنا بصيرا) و: (إنه كان بي حفيا). فجاز إضمار كان هنا لكثرة إظهارها، كما جاز ذلك في: ما أنت وزيدا، وكيف أنت وقصعة من ثريد. ويحمل الحديث على أن القعر فيه مصدر قَعَرت الشيء إذا بلغت قعره، وهو اسم إن، و"لسبعين خريفا" ظرف مخبر به، لأن الاسم مصدر، وظروف الزمان يخبر بها عن المصادر كثيرا. ويقدر: إن حراسنا أسدا، كأنه قال: إن حراسنا يشبهون أسدا، أو كانوا.
وأما قول الراجز فمحمول على أن تأكل خبر إنّ، وخبة جروزا حالان من فاعل تأكل، ولا تكلف في هذا التوجيه. وأما قول الآخر فمحمول على أن قادمة وقلما منصوبان بفعل مضمر، والتقدير: كأن أذنيه إذا تشوفا يخلفان قادمة.
وزعم أبو محمد بن السيد أن لغة بعض العرب نصب خبر إن وأخواتها.
ص: وما لا تدخل عليه دام لا تدخل عليه هذه الأحرف، وربما دخلت إن على ما خبره نهي، وللجزأين من بعد دخولهن ما لهما مجردين، لكن يجب هنا تأخير الخبر، ما لم يكن ظرفا أو شبهه فيجوز توسيطه، ولا يخص حذف الاسم