وقيل: لما كان معنى كل واحد من هذه الأحرف لا يتحقق حصوله إلا في الأخبار، تنزلت منهن منزلة العمد من الأفعال، فأعطيت إعراب الفاعل وهو الرفع، وتنزلت الأسماء منها منزلة الفضلات، فأعطيت إعراب المفعول وهو النصب.

وأجاز الفراء نصب الاسم والخبر معا بليت، ومن حجته على ذلك قول الشاعر:

ليت الشبابَ هو الرجيعَ على الفتى ... والشيب كان هو البدى الأول

وأجاز بعض الكوفيين ذلك في كل واحد من الخمسة، ومن حجج صاحب هذا المذهب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن قعر جهنم لسبعين خريفا". ومن حججه قول الشاعر:

إذا اسودّ جُنْحُ الليل فلْتأتِ ولتكُن ... خطاك خِفافا إنّ حُرّاسنا أسْدا

ومنه قول الراجز:

إن العجوزَ خَبَّةً جَرُوزا ... تأكلُ كلَّ ليلة قفيزا

ومثله:

كأنّ أذْنَيه إذا تشَوّفا ... قادمةً أو قلما محرفا

ولا حجة في شيء من ذلك لإمكان رده إلى ما أجمع على جوازه. أما البيت الأول فيحمل على تقدير كان، والأصل: ليت الشباب كان الرجيع، فحذفت كان، وأبرز الضمير، وبقي النصب بعده دليلا، ومثل هذا من الحذف ليس ببدع، وقد

طور بواسطة نورين ميديا © 2015