والصحيح أن كأن لا يفارقها التشبيه، ويخرج البيت الأول على أن هشاما وإن مات فهو باق ببقاء من يخلفه بسيره، وأجود من هذا أن تجعل الكاف من كأن في هذا الموضع كاف التعليل المرادفة اللام، كأنه قال:
وأصبح بطن مكة مقشعرا ... لأن الأرض ليس بها هشام
وعلى هذا حمل قوله تعالى: (ويكأنه لا يفلح الكافرون). وأكثر ما تزاد الكاف بهذا المعنى مقرونة بما كقوله تعالى: (واذكروه كما هداكم). ومنه ما حكاه سيبويه من قول بعضهم: كما أنه لا يعلم فغفر الله له، وأما البيت الثاني فلا حجة فيه، لأن التشبيه فيه يتبين بأدنى تأمل.
وكون ليت للتمني، ولعل للترجي ظاهر، والفرق بينهما أن التمني يكون في الممكن وغير الممكن، والرجاء لا يكون إلا في الممكن.
وتكون لعل للإشفاق كقوله تعالى: (فعلك باخعٌ نفسك). وكقول الشاعر:
أتَوْني فقالوا يا جميل تَبدّلت ... بُثَينةُ أبدالا فقلت لعلها
وعلّ حِبالا كنتُ أحكمتُ فتْلَها ... أُتيحَ لها واشٍ رفيقٌ فحلها
وتكون لعل أيضا للتعليل كقوله تعالى: "فقولا له قولا لَيّنا لعله يتذكر أو يخشى). وكقول الشاعر:
وقلتم لنا كُفُّوا الحروب لعلنا ... نكف ووثقتم لنا كل موثق
فلما كففنا الحرب كانت عهودُكم ... كلَمْع سَرَابٍ في الملا متألق
قال الأخفش في المعاني "لعله يتذكر" نحو قول الرجل لصاحبه: افرغ لعلنا