والسبب في ذلك أن أخبار هذه الأفعال خالفت أصلها بلزوم كونها أفعالا، فلو قدمت لازدادت مخالفتها للأصل. وأيضا فإنها أفعال ضعيفة لا تصرف لها، إذ لا تَرِد إلا بلفظ الماضي إلا كاد وأوشك، فإن المضارع منهما مستعمل، فلهن حال ضعف بالنسبة إلى الأفعال الكاملة التصرف، وحال قوة بالنسبة إلى الحروف، فلم تتقدم أخبارها لتَفْضُلَها كان وأخواتها المتصرفة، وأجيز توسيطها تفضيلا لها على إن وأخواتها، فيقال: طفق يصليان الزيدان، وكاد يطيرون المنهزمون. وحكى الجوهري مضارع طفق.

ويجوز في هذا الباب حذف الخبر إن علم، كقوله: "من تأنَّى أصاب أو كاد، ومن عجل أخطأ أو كاد". ومنه قول المرقش:

وإذا ما سمعتِ من نحو أرض ... بمُحِبٍّ قد مات أو قيل كادا

فاعلمي غيرَ علم شك بأني ... ذاكِ وابكى لمُقْصَدٍ لن يُقادا

أي لن يؤخذ له بقَوَد. وقال آخر:

قد هاج سارٍ لسارٍ ليلةً طربا ... وقد تَصَرَّم أو قد كاد أو ذهبا

الساري الأول البرق.

ومن حذف الخبر لدليل قوله تعالى: (فطَفِق مَسْحا بالسُّوق والأعناق) فحذف الخبر وهو يمسح، وترك مصدره دليلا عليه.

وحق الاسم في هذا الباب أن يكون معرفة أو مقاربا لها، كما يحق ذلك لاسم كان، وقد يرد نكرة محضة كقول الشاعر:

عسى فرجٌ يأتي به الله إنه ... له كلَّ يوم في خليقته أمرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015