وليس المقرون بأن في هذا الباب خبرا عند سيبويه، بل هو منصوب بإسقاط حرف الجر، أو بتضمين الفعل معنى قارَبَ، قال سيبويه: تقول: عسيت أن تفعل، فأن هنا بمنزلتها في قولك: قاربت أن تفعل، أي: قاربت ذلك، وبمنزلة: دنوت أن تفعل. واخلولقت السماء أن تمطر، أي: لأن تمطر. وعست بمنزلة اخلولقت السماء، ولا يستعمل المصدر هنا كما لم يستعمل الاسم الذي الفعل في موضعه في قولك: "بذي تسلم" هذا نصه.
قلت: والوجه عندي أن تجعل عسى ناقصة أبدا، فإذا أسندت إلى أن والفعل وجه بما يوجه وقوع حسب عليها في نحو: (أحسب الناس أن يُتركوا) فلما لم تخرج حسب بهذا عن أصلها، لا تخرج عسى عن أصلها بمثل: (وعسى أن تكرهوا شيئا) بل يقال في الموضعين: سدَّت أن والفعل مسد الجزأين. ويوجه نحو: (عسى الله أن يأتي بالفتح) بأن المرفوع اسم عسى، وأن والفعل بدل سدّ مسد جزأي الإسناد، كما كان يسد مسدهما لو لم يوجد المبدل منه، فإن المبدل في حكم الاستقلال في أكثر الكلام، ومنه قراءة حمزة: (ولا تَحْسَبن الذين كفروا أنما نُملي لهم) بالخطاب على جعل أنّ بدلا من الذين، وسدّت مسد المفعولين في البدلية، كما سدت مسدهما في قراءة الباقين (ولا يحسبن) بالياء، على جعل (الذين كفروا) فاعلا ومثله: "حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل" على رواية من رواه بالفتح في صحيح مسلم.
ولا تتقدم أخبار هذه الأفعال، فلا يقال في: طفقت أفعل: أفعل طفقت.