وسوى بينه وبين قول من قال: ملحفة جديدة، بالتاء، وبين من قال: ولات حينُ مناص، بالرفع. فإن المشهور: ملحفة جديد، بلا تاء، ولات حينَ مناص، بالنصب. وأنشد سيبويه على نصب الخبر متوسطا قول الفرزدق:

فأصبحوا قد أعاد اللهُ نعمتَهم ... إذ هم قريش وإذا ما مثلَهم بشرُ

واستشهد أبو علي في التذكرة على نصب خبر ما مقدما على اسمها بقول الشاعر:

أما واللهِ عالم كلِّ غَيْب ... ورب الحجر والبيت العتيقِ

لو انّك يا حُسَيْن خُلِقْت حرا ... وما بالحُرِّ أنت ولا الخليقِ

بناء على أن الباء لا تدخل على الخبر إلا وهو مستحق للنصب، وسيأتي الكلام على هذه المسألة إن شاء الله تعالى.

ورد على سيبويه الاستدلال ببيت الفرزدق، لأنه سمع من لغتهم منع نصب الخبر مطلقا. لكنه رفع بشرا بالابتداء، وحذف الخبر، ونصب مثلهم على الحال. أو يكون تكلم الفرزدق بهذا معتقدا جوازه عند الحجازيين فلم يصب.

والجواب عن الأول أن الحال فضلة، فحق الكلام أن يتم بدونها، ومعلوم أن الكلام هنا لا يتم بدون مثلهم، فلا يكون حالا، وإذا انتفت الحالية تعينت الخبرية.

والجواب عن الثاني أن الفرزدق كان له أضداد من الحجازيين والتميميين، ومن مناهم أن يظفروا بزلة منه يشنعون بها عليه، مبادرين إلى تخطئته، ولو جرى شيء من ذلك لنقل، لتوفر الدواعي على التحدث بمثل ذلك لو اتفق، ففي عدم ذلك دليل على إجماع أضداده الحجازيين والتميميين على تصويب قوله، فثبت بهذا صحة استشهاد سيبويه بما أنشده، والله أعلم.

وروى عن يونس من غير طريق سيبويه إعمال "ما" في الخبر الموجب بإلا،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015