الثامن: أن هذه الأفعال لو كانت لمجرد الزمان لم يغن عنها اسم الفاعل، كما جاء في الحديث: "إن هذا القرآن كائن لكم أجرا، وكائن عليكم وزرا" وقال سيبويه: "قال الخليل: هو كائنُ أخيك على الاستخفاف، والمعنى: كائنٌ أخاك" هذا نصه. وقال الشاعر:
وما كلُّ مَنْ يُبْدِي البشاشة كائنا ... أخاك إذا لم تُلْفِه لك مُنْجِدا
لأن اسم الفاعل لا دلالة فيه على الزمان، بل هو دال على الحَدث وما هو به قائم، أو ما هو عنه صادر. ومثل ذلك قول الآخر:
قضى الله يا أسماءُ أنْ لستُ زائلا ... أحِبُّك حتى يُغْمِضَ العينَ مُغْمِضُ
أراد: لست أزال أحبك، فأعمل اسم الفاعل عمل الفعل.
التاسع: أن دلالة الفعل على الحدث أقوى من دلالته على الزمان، لأن دلالته على الحدث لا تتغير بقرائن، ودلالته على الزمان تتغير بالقرائن، فدلالته على الحدث أولى بالبقاء من دلالته على الزمان.
العاشر: أن هذه الأفعال لو كانت مجردة عن الحدث، مخلصة للزمان لم يُبْن منها أمرن كقوله تعالى: (كونوا قَوّامين بالقسط) لأن الأمر لا يبنى مما لا دلالة فيه على الحدث.
وما ذهبت إليه في هذه المسألة من كون هذه الأفعال دالة على مصادرها، هو الظاهر من قول سيبويه والمبرد والسيرافي. وأجاز السيرافي الجمع بين كان ومصدرها توكيدا، ذكر ذلك في شرح الكتاب.
فإذا ثبت بالدلائل المذكورة أن هذه الأفعال غير ليس دالة على الحدث والزمان