أحدها: أن يكون التقدير: ضربي زيدا إذا كان قائما، وهذا هو المشهور عند البصريين.
الثاني: أن يكون التقدير: ضربي زيدا ضَرْبُه قائما، وهذا مذهب الأخفش.
الثالث: أن يكون فاعل المصدر مغنيا عن الخبر كما أغنى عنه فاعل الوصف في نحو: قائم الزيدان.
الرابع: أن تكون الحال مغنية عن الخبر لشبهها بالظرف، كما أغنى بالظرف عنه.
الخامس: أن تكون الحال منصوبة بالمصدر، وقد حذف الخبر حذفا لأجل الاستطالة، كما حذف عند أبي علي الخبر في قولهم: أول ما أقول إني أحمد الله، بالكسر، والتقدير عنده: أول ما أقول إني أحمد الله ثابت. وكذلك يكون التقدير في هذه المسألة المشار إليها: ضربي زيدا قائما ثابت.
السادس: أن يكون "ضربي" فاعل بثبت مضمرا، ويكون المسوغ لتقديره أولا كالمسوغ لتقديره "ثابت" آخرا.
وأجود هذه الأقوال الأول والثاني، إلا أن الثاني أقل حذفا مع صحة المعنى، فكان أولى. وإنما قلت: إن الثاني أقل حذفا، لأنه لم يحذف فيه إلا خبر مضاف إلى مفرد، والأول حذف فيه خبر ثم نائب عن الخبر مع فعل وفاعل، لأن الأصل فيه عند من يراه: ضربي زيدا مستقر إذا كان قائما. وأيضا فإن الثاني حذف فيه خبر عامل بقي معموله، ودلالة المعمول على عامله قوية، والوجه الأول بقي فيه بعد الحذف معمول عامل أضيف إليه نائب عن الخبر الأصلي الذي هو مستقر، فضعفت الدلالة لبعد الأصل، وكثرة الوسائط. وأيضا فإن الحاذف على الوجه الثاني أبين عذرا في الحذف، لأن المحذوف لفظه مماثل للفظ المبتدأ، فيستثقل لذلك ويقوى الباعث على الحذف، وليس في قول القائل: ضربي زيدا ضربه قائما، تعرض لكون زيد وقع به غير الضرب المقارن لقيامه أو لم يقع به، بل تعرض به كما تعرض بقولك ضربته قائما.