وإن سُلِّم حمل الشيء على ضده فيشترط تعذر حمله على نِدِّه، وقد أمكن الحمل عليه، فتعين الجنوح إليه.
ونقول: التعريف نظير التأنيث في الفرعية، فاشتركا في استحقاق علامة، والتنكير نظير التذكير في الأصالة، فينبغي أن يشتركا في الخلو من علامة. فإن وضع للتنكير علامة فحقها أن تنقص عن علامة التعريف، تنبيها على أنه أحق بالعلامة لفرعيته وأصالة التنكير، وذلك موجب لكون علامة التعريف حرفين وهو المطلوب.
وأيضا فإن التعريف طارئ على التنكير كطُرُوّ التثنية على الإفراد فيُسَوَّى بينهما بجعل علامة لكل واحد منهما حرفين، أحدهما يحذف في حال دون حال.
وأيضا لما كانت "مِنْ" ذاتَ حرفين، ومدلولها العموم في نحو: ما فيها مِنْ رجلٍ، وكان حرف التعريف نظيرها في العموم سُوِّي بينهما، فكان حرف التعريف حرفين، تسوية بين النظيرين.
ولما كانت اللام تدغم في أربعة عشر حرفا فيصير المعرف بها كأنه من المضاعف العين الذي فاؤه همزة، جعل أهل اليمن ومن داناهم بدلها ميما، لأن الميم لا تدغم إلا في ميم، وقد تقدم الاستشهاد على ذلك.
ص: فإنْ عُهدَ مَدْلول مصحوبها بحضور حِسِّيٍّ أو علمِيٍّ فهي عَهْدية، وإلاَّ فجِنْسيَّة.
ش: أشرت بالحُضُور الحسي إلى حضور ما ذُكِرَ كقوله تعالى (كما أرسلنا إلى فِرْعون رسولا * فعصى فرعون الرسول) وإلى حضور ما أُبْصِرَ كقولك لمن سدّد سهما: القرطاسَ والله.
وبالحضور العلمي إلى نحو قوله تعالى (اليومَ أكملتُ لكم دينكم) و