ومثله قوله عز وجل (فغشيهم من اليَمِّ ما غشيهم) وقال الشاعر:

وكنتَ إذا أرْسَلْتَ رائدا ... لقلبك يوما أتْعَبَتْكَ المناظرُ

رأيتَ الذي لا كلُّه أنت قادرٌ ... عليه ولا عن بعضه أنت صابر

ص: ومن الحروف ما أُوِّل مع ما يليه بمصدر، ولم يَحْتَج إلى عائد.

ش: لما كان الموصول على ضربين: أحدهما من الأسماء، والآخر من الحروف، وفرغت من حد الأول، شرعت في حد الثاني.

فقولي "ما أوِّل بمصدر" يتناول: صه، أي سكوتا ونحوه، فإنه يؤول بمصدر معرفة إن لم ينون، وبمصدر نكرة إن نون. ويتناول أيضا الفعل المضاف إليه نحو: حين قمت، فإن معناه: حين قيامك. ويتناول أيضا نحو: هو، من قوله تعالى (هو أقرب للتقوى) فإنه بمعنى العدل. فاحترزت من هذه الأشياء ونحوها بقولي "مع ما يليه" فإن هذه الأشياء مؤولة بمصادر لا مع شيء يليها، بخلاف الحروف الموصولة فإنها تؤول بمصادر مع ما يليها من صلاتها.

ولما كان "الذي" قد يوصف به مصدر ثم يحذف المصدر ويقام هو مقامه، فيصدق عليه حينئذ أنه مؤول مع ما يليه بمصدر، مع أنه ليس من الحروف الموصولة، احترزت منه بعدم الاحتياج إلى عائد، فإن "الذي" الموصوف به مصدر على ما قدر لا يستغني عن عائد، ومثال ذلك قوله تعالى (وخُضْتم كالذي خاضوا) أي كالخوض الذي خاضوه، فحذف الخوض وأقيم الذي مقامه، وحذف العائد إلى الذي لأنه منصوب متصل بفعل، وحذف مثله كثير.

ص: فمن الأسماء: الذي والتي للواحد والواحدة، وقد تُشَدُّ ياءاهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015