يجوز في الاختيار كثيرا، وقد يجب، وتقدم المعطوف وما يتعلق به على المعطوف عليه بخلاف ذلك، فيلزم من أجاز: ضربوني وضربت الزيدين أن يحكم بأولية جواز: ضربَ غلامُه زيدا، لما ذكرناه. وكذلك يلزم من أجاز إبدال ظاهر من مضمر لا مفسِّر له غيره نحو: ضربته زيدا، واللهم صل عليه الرءوف الرحيم، لأن البدل تابع، والتابع مؤخر بالرتبة، ومؤخر في الاستعمال على سبيل اللزوم، والمفعول ليس كذلك إذا لم يلزم تأخيره.
ومما حكم بجوازه لشبهه بما نحن بصدده أن يقال: ضَرَبَتْ جاريةٌ يُحبُّها زيدا، فيتقدم "يحبها" وهو مسند إلى ضمير يعود إلى زيد وإن كان متأخرا لفظا ورتبة، لأن يحبها مكمل لجارية إذ هو صفتها، فجاز تأخر مفسِّر ضميرها، كما جاز تأخر مفسر ضمير المضاف إليه نحو: ضرب غلامُه زيدا.
ولو لم يشارك صاحب الضمير المكمل به في عامله لم يجز التقديم نحو: ضربَ غلامُها جارَ هند، لأن "هند" مؤخر الرتبة من وجهين، ولا تعلق لها بضرب، بخلاف ضرب غلامُها هندًا.
فمن مثل هذا احترزت بقولي: وشاركه صاحب الضمير في عامله، فإن صاحب الضمير في: ضربَ غلامُه زيدا قد شارك المكمل به الضمير في عامله، وصاحب الضمير في: ضرب غلامُها جارَ هند غير مشارك في العامل.
ص: ويتقدم أيضا غيرَ مَنْويّ التأخير إن جُرَّ بِرُبَّ، أو رُفِعَ بِنِعْم أو شبهها أو بأول المتنازعين، أو أبدل منه المفسِّر، أو جُعِل خَبَرَه، أو كان المسَمَّى ضميرَ الشأنِ عند البصريين، وضمير المجهول عند الكوفيين.
ش: مثال المتقدم المجرور برب قولُ الشاعر أنشده أبو العباس أحمد بن يحيى:
واهٍ رَأبت وشيكا صَدْع أعظمِه ... ورُبّه عَطِبًا أنقذتُ من عَطَبه