فالهاء من إليه عائدة على السَّفه، فإنه جزء مدلول السفيه.
ويستغنى أيضا عن ذكر صاحب الضمير بكونه كُلاًّ وكون المذكور جزءا، فإن الجزء يدل على الكل، كما يدل الكل على الجزء، ومن ذلك قوله تعالى (ولا ينفقونها في سبيل الله) فإن الذهب والفضة بعض المكنوزات، فأغنى ذكرهما عن ذكر الجميع حتى كأنه قيل: والذين يكنزون أصناف ما يُكْنز ولا ينفقونها، ومن ذلك أيضا قول الشاعر:
ولو حلفت بين الصَّفا أمُّ مَعْمَر ... ومروتها بالله بَرَّتْ يمينُها
فأعاد الضمير إلى مكة لأن الصفا جزء منها، وذكر الجزء مُغْنٍ عن ذكر الكل في بعض الكلام. ويمكن أن يكون من هذا قوله تعالى (كلُّ من عليها فانٍ) فيكون الضمير للدنيا وإن لم يجرد ذكرها في هذه السورة، لأن ما جرى ذكره بعضها، والبعض يدل.
وقد يستغنى عن ذكر صاحب الضمير بذكر ما لصاحبه بوجه ما كالاستغناء بمستلزِم عن مستلزَم، فمن ذلك قوله تعالى (فمن عُفِي له من أخيه شيء فاتِّباع بالمعروف وأداء إليه بإحسان) فعُفي يستلزم عافِيًا فأغنى ذلك عن ذكره، وأعيد الهاء من إليه عليه. ومثال هذا أيضًا قول الشاعر:
فإنَّك والتأبينَ عُرْوَة بعد ما ... دعاكَ وأيدينا إليه شوارعُ
لكا لرَّجُل الحادي وقد تَلَع الضُّحى ... وطيرُ المنايا فوقهن أوَاقع
فالحادي يستلزم إبلا مَحْدُوّة، فأغنى ذلك عن ذكرهن، وأعاد ضمير فوقهن عليهن، ومثل هذا قوله تعالى (حتى توارت بالحجاب) ففاعل توارت ضمير