ذلك بأن الهاء تعاقبها، كقول حاتم، هذا فزدى أنه، والصحيح أنا (أنا) بثبوت الألف وقفا ووصلا هو الأصل، وهي لغة بني تميم، وبذلك قرأ نافع قبل همزة قطع (كأنا أحيي) و (إن ترن أنا أقل) وقرأ بها أيضا ابن عامر في قوله تعالى (لكنا هو الله ربي) والأصل: لكن أنا، ثم نقلت حركة الهمزة إلى النون، وأدغمت النون في النون.
ولمراعاة الأصل كان نون أنا مفتوحا في لغة من لفظ به دون ألف وجعل الفتحة دليلا عليها، كما أنّ من حذف ألف "أما" في الاستفتاح قال: أمَ والله. ولو كان وضع أنا في الأصل من همزة ونون فحسب لكانت النون ساكنة، لأنها آخر مبني بناء لازما، وقبلها حركة، وما كان هكذا فحقه السكون كمن وعن وأن ولن، ولو حرك على سبيل الشذوذ لم يعبأ بحركته حيث يلزم صونها في الوقف بزيادة ألف أو هاء سكت، فإذا قيل: إن الألف أصل وحذفها عارض، وأبقيت الفتحة دليلا عليها، سلم من مخالفة النظير وتكلف التقدير، لكون "أنا" في تخفيفه بحذف ألفه وبقاء الفتحة دليلا مُذَكِّرا بِرَدِّ ما يوقف عليه، نظير "أما" حين قيل: "أمَ والله، ونظير "ما" الاستفهامية إذا حذف ألفها في الجر فقيل: لِمَ فعلت؟
وفي قول من قال في: أنا فعلت: أنْ فعلت من الشذوذ ما في قول من قال: لِمْ فعلت؟ كما قال الشاعر:
يا أسَدِيًّا لِمْ أكلتَه لِمَه ... لو خافك اللهُ عليه حرّمه
ومن قال: آنَ فعلت بالمد، فإنه قلب أنا كما قال بعض العرب في رأى راء،