يسمعوا: إن سمعوا. فلما لم يقولوا ذلك مع إمكانه، وسهولة تعاطيه، علم أنهم غير مضطرين.

وقد صرح بجواز ذلك الفراء رحمه الله تعالى، وجعل منه قوله تعالى: (إن نشأ نُنَزِّلْ عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين) لأن ظلت بلفظ الماضي، وقد عطفت على ننزل، وحق المعطوف أن يصلح لحلوله محل المعطوف عليه.

ص: ولا يكون الشرط غير مستقبل المعنى بلفظ كان أو غيرها إلا مُؤولا، وقد يكون الجواب ماضي اللفظ والمعنى مقرونا بالفاء مع قد ظاهرة أو مقدرة. ولا ترد إن بمعنى إذ، خلافا للكوفيين.

ش: إن الشرطية وأخواتها مختصة بالمستقبل، فلا يكون شرطها ولا جزاؤه بمعنى الماضي، ولا بمعنى الحال، وما أوهم ذلك أوِّل، فإذا جاء في موضع الشرط أو الجزاء ما هو حال أو ماض بلفظ كان أو غيرها حمل على أنه متعلق بفعل مستقبل هو الشرط أو الجزاء في الحقيقة، ولكنه حذف اختصارا أو استغناء عنه بانصراف الكلام إلى معناه، وذلك قولك: إن أحسنت إليّ أمس فقد أحسنت إليك اليوم، والمعنى: إن تبين إحسانك أمس تبين إحساني اليوم.

وذهب أبو العباس المبرد إلى أنه يجوز بلا تأويل كون الشرط ماضي المعنى بلفظ كان دون غيرها، فإنه قال: وما يسأل عنه في هذا الباب قولك: إن كنت زرتني أمس أكرمتك اليوم. فقد صار ما بعد إن يقع في معنى الماضي. قيل للسائل: ليس ذا من قبيل إن، ولكن لقوة كان، وأنها أصل الأفعال وعبارتها، جاز أن تغلبْ إنْ فتقول: إن كنت أعطيتني فسوف أكافئك، فلا يكون ذلك إلا ماضيا، وكقوله تعالى: (إن كنتُ قلتُه فقد علمتَه) والدليل على أنه كما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015