ولما كان للأمر والمضارع المستقبل الأصالة في لحاق النون لم يمنع عدم التصرف من وجوب اتصالها "بِهَبْ" أخت "ظن"، لأمريَّتها، ولا من وجوب اتصالها "بعسى" للزوم استقبال مصحوبها، ولقولهم في التعجب: أعْسِ به، ولفظه لفظ الأمر، وكذا فعل التعجب لم يمنع من وجوب اتصاله بالنون المشار إليها عدمُ تصرفه لعروضه، ولكون أحد مثاليه بلفظ الأمر.
ولما عدمت "ليس" التصرف، ولزوم الاستقبال، ولم يكن لها في الأمرية نصيب، كمثل ما كان لعسى وفعل التعجب مع شبه لفظها بلفظ ليت، عوملت معاملة ليت في لحاق النون، فقيل: ليتني، كقول بعض العرب: عليه رجلا ليسنى. ولم يرد ليتي وليسي إلا في نظم قال زيد الخيل:
كمُنْيَةِ جابِرٍ إذ قال لَيْتِي ... أصَادفُه ويتلفَ بعضُ مالي
وقال الراجز:
عددتُ قومي كعَديد الطَّيْس ... إذ ذَهَب القومُ الكرامُ ليسي
ولحاق النون مع لدن أكثر من عدم لحاقها، وزعم سيبويه أن عدم لحاقها من الضرورات وليس كذلك، بل هو جائز في الكلام الفصيح، ومن ذلك قراءة نافع (من لدُنِي عُذرا) بتخفيف النون وضم الدال، ولا يجوز أن تكون نون لدني نون الوقاية، ويكون الاسم لدُ، لأن لد متحرك الآخر، والنون في لدن وأخواته إنما جيء بها لتصون أواخرها عن زوال السكون، فلا حظ فيها لما آخره متحرك، وإنما يقال في "لَدُ" مضافا إلى الياء "لِدى" نص على ذلك سيبويه. وقرأ أبو بكر مثل نافع، إلا أنه أشم الدال ضما، وقرأ الباقون بضم الدال وتشديد النون، مُدْغمين نون لدن في نون الوقاية.
وكان مقتضى الدليل استواء "ليت" وأخواتها في لحاق النون لشبهها بالأفعال