وقد تلحق مع اسم الفاعل، وأفعل التفضيل، وهي الباقية في: فَلَيْنى، لا الأولى وفاقا لسيبويه.
ش: تقدم في ذكر علامات الفعل أن هذه النون تصحب ياء المتكلم على سبيل اللزوم إذا عمل فيها فعل ماض كأكْرَمَني، أو مضارع كيكرمني، أو أمر كأكرِمْنِي. وينبغي الآن أن تعلم أنّ فعل الأمر أحق بها من غيره، لأنه لو اتصل بياء المتكلم دونها لزم محذوران: أحدهما التباس ياء المتكلم بياء المخاطبة. والثاني: التباس أمر المذكر بأمر المؤنثة. فبهذه النون تُوقِّي هذان المحذوران فسميت نون الوقاية لذلك، لا لأنها وقت الفعل من الكسر، إذ الكسر يلحق الفعل مع ياء المخاطبة لحاقا هو أثبت من لحاق الكسر لأجل ياء المتكلم، لأن ياء المتلكم فضلة فهي في تقدير الانفصال، بخلاف ياء المخاطبة لأنها عمدة، ولأن ياء المتكلم قد تغني عنها الكسرة التي قبلها، ثم يوقف على المكسور بالسكون نحو (فيقول ربي أكرمنْ) وياء المخاطبة لا يعرض لها ذلك. فلما صحبت النون الياء مع فعل الأمر صحبتها مع أخويه ومع اسم الفعل وجوبا، ليدل لحاقها على نصب الياء. ولحقت إنّ وأخواتها جوازا لشبهها بالأفعال. ولو جعل لحاقها مع المضارع أصلا لم يمتنع، لأنها صانتة من خفاء الإعراب وتَوَهُّم صيرورته مبنيا، فاحتُرِز بالنون من ذلك، كما احترز منه حين اتصل بالمضارع ألف الضمير وواوه وياؤه فجيء بالنون بعدهن نائبة عن الضمة، ولم يحتج إلى ذلك في نحو: غلامي، بل اكتفى بتقدير الإعراب لأصالته فيه، فلا يذهب الوهم إلى زواله دون سبب جلي، ثم صارت النون أولى بالياء من غيرها ? إذا عرض سبب كالمحافظة على بقاء سكون- من وأخواتها.
وقد يؤيَّدُ اعتبارُ وقاية الفعل من الكسر بأن الكسر الذي وقى الفعل إنما هو كسر يلحق الاسم مثلُه، وهو كسر ما قبل ياء المتكلم، لا كسر ما قبل ياء المخاطبة فإنه خاص بالفعل، فلا حاجة إلى صون الفعل منه، وهذا فرق حسن، لكنه مرتب على ما لا أثر له في المعنى، بخلاف الذي اعتبرته فإنه مرتب على صون من خلل ولبس فكان أولى.