فاعلا والآخر مفعولا، فقد اقتسما في اللفظ الفاعلية والمفعولية، واشتركا فيهما من جهة المعنى، وليس أحدهما أولى من الآخر بالرفع ولا بالنصب، ولو أتبع منصوبهما بمرفوع، أو مرفوعهما بمنصوب لجاز، ومن ذلك قول الراجز:
قد سالمَ الحياتُ منه القَدَما ... الأُفْعُوانَ والشُّجاعَ الشَّجْعَما
بنصب الأفعوان وهو بدل من الحيات، وهو مرفوع لفظا، لأنه منصوب معنى، كما أن القدم منصوب لفظا مرفوع معنى، لأن كل شيئين تسالما فهما فاعلان مفعولان. وهذا التوجيه أسهل من أن يكون التقدير: قد سالم الحيات منه القدم، وسالمت القدم الأفعوان والشجاع الشجعم.
وأما فاعَلَ الذي لموافقة أفعل ذي التعدية، فكباعدت الشيء وأبعدته، وضاعفته وأضعفته، وناعمته وأنعمته، وعافاه الله وأعفاه.
والذي لموافقة المجرد كجاوزت الشيء وجزته، وسافرت وسفرت، وواعدته ووعدته.
والمغني عنه نحو: قاسى، وبالى به، وبارك الله فيه.
والمغني عن أفعل: واريت الشيء بمعنى أخفيته، وراءيته بمعنى أريته غير ما أقصده.
وأما تفاعل الذي للاشتراك في الفاعلية لفظا، وفيها وفي المفعولية معنى كتضارب زيدٌ وعمرٌ، فزيد وعمرو شريكان في الفاعلية لفظا، ولذلك رفعا، وهما من جهة المعنى شريكان في الفاعلية والمفعولية، لأن كل واحد منهما قد فعل بصاحبه مثل ما فعل به الآخر.
والذي لتخييل تارك الفعل كونه فاعلا كتغافل زيد، إذا ظهر بصورة غافل وهو