بل كانت الألف وأخواتها أحق بجواز الحذف لأن معناها أظهر من معنى التأنيث، وذلك أن علامة التأنيث اللاحقة للأسماء لا يوثق بدلالتها على التأنيث إذ قد تلحق المذكرات كثيرا كراوية وعلاّمة وهُمزَة ولمزَة، فدعت الحاجة إلى التاء التي تلحق الفعل، وليس الأمر كذلك في علامتي التثنية والجمع، إذ لا يمكن أن يعتقد فيما اتصلتا به خلوه من مدلولهما، فذكر الفعل على إثر واحدٍ منهما مُغْنٍ عن علامة تلحق الفعل، ولما لم يستغنوا بما يلحق الاسم عما يلحق الفعل علم أن لهم داعيًا إلى التزامه غير كونه حرفا، وليس ذلك إلا كونه اسما مسندًا إليه الفعل، ولذلك لم يجز حذفه بوجه، إذ لو حذف لكان الفعل حديثا عن غير محدثٍ عنه، وذلك محال.

ورُوِيَ عن الأخفش أن ياء المخاطبة حرف يدل على تأنيث الفعل، والفاعل مستكن كما هو مستكن في نحو: هند فعلت، وهذا القول مردود أيضًا بما رَدَّ قول المازني.

وشيء آخر وهو أن الأخفش جعل "ياء" افعلى كتاء فَعَلَتْ، فيقال له: لو كانت الياء كالتاء لساوتها في الاجتماع مع ألف الاثنين، فكان يقال: افعليا كما يقال: فعلتا، لكنهم امتنعوا من ذلك، فعلم أن مانعهم كونُ ذلك مستلزما اجتماع مرفوعين بفعل واحد، وذلك لا يجوز.

ص: ويُسَكَّنُ آخرُ المسنَدِ إلى التاء والنون ونا، ويحذف ما قبله من معتل، وتُنْقَل حركتُه إلى فاء الماضي الثلاثي، وإن كانت فتحةً أُبدِلت بمُجانسةِ المحذوفِ ونقلت، وربما نقل دون إسناد إلى أحد الثلاثة في: زال وكاد، أخْتَيْ كان وعسى، وحركة ما قبل الواو والياء مجانِسةٌ، فإن ماثلها أو كان ألفا حُذِف ووَلِيَ ما قبلَه بحاله. وإن كان الضمير واوا والآخِرُ ياء أو بالعكس، حُذِفَ الآخِرُ، وجعلت الحركةُ المجانِسةُ على ما قبله.

ش: المسند إلى "نا والتاء" لا يكون إلا فعلا ماضيًا نحو: فَعَلْنا وفعلْت. والمسند إلى "النون" قد يكون ماضيا ومضارعا وأمرا نحو: فعلْنَ وتفعلْنَ وافْعَلْنَ. وقد تناول ذلك كله قولي "ويُسَكَّنُ آخر المسند إلى التاء والنون ونا".

وأن يقال "آخر المَسْنَد" أولى من أن يقال "لام المسند" لأن المسكّن كما لكون لاما كضربْتُ، قد يكون حرفا زائدا كتسلقيْتُ.

واختلف في سبب هذا السكون، فقال أكثرهم سببه اجتناب توالي أربع حركات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015