وتجيء بضمير يشعر بالغيبة التي كانت قبل عروض النداء، كأنك قلت: أدعو زيدا نفسه، وأنادي تميما كلهم.
وإذا كررت منادى مفردا نحو: يازيد زيد، فلك أن تضم الثاني وأن ترفعه وأن تنصبه، فالضم على تقدير: يازيد يازيد، ثم حذف حرف النداء، وبقي المنادى على ما كان عليه. والرفع على أنه عطف بيان على اللفظ. والنصب على أنه عطف بيان على الموضع.
وأن يكون: يازيد زيد، على نداءين هو رأي سيبويه، فإنه قال: وتقول: يازيد زيد الطويل. وهو قول أبي عمرو. وزعم يونس أن رؤبة كان يقول: يازيد زيدا الطويل. فأما قول أبي عمرو فعلى قولك: يازيد الطويلُ"، فصرح بأنه على نداءين مؤكد أولهما بثانيهما توكيدا لفظيا. وأكثر النحويين يجعلون الثاني في نحو: يازيد زيد بدلا، وذلك عندي غير صحيح، لأن حق البدل أن يغاير المبدل منه بوجه ما، إذ لا معنى لإبدال الشيء من نفسه، ولذلك قال ابن جني بعد ذكر قراءة يعقوب: (كلُّ أمة تدعى) بالنصب، (كل أمة تدعى) بدل من "كل أمة جاثية" وجاز إبدال الثانية من الأولى لما في الثانية من الإيضاح الذي ليس في الأولى، لأن جثوها ليس فيه شيء من شرح حال الجثو، والثانية فيها ذكر السبب الداعي إلى جثوها، وهو دعاؤها إلى ما في كتابها، فهي الشرح من الأولى، فلذلك أفاد إبدالها منها. فصرح بما يقتضي أن الثانية من نحو: يازيد زيد، لا يكون بدلا إلا بضميمة تصيره كالمغاير، نحو أن يقال: يازيد زيد الطويل، على أن اختيار سيبويه في: يازيد زيد الطويل، مع وجدان الضميم التوكيد لا الإبدال. فإذا لم يوجد ضميم قوي داعي التوكيد، ولم يُعدل عنه. وروى قول رؤبة:
إني وأسطارٍ سُطِرْن سَطْرا ... لقائل يانصرُ نصر نصرا