وأجاز الأخفش أن تكون "أي" هذه موصولة، والمرفوع بعدها خبر مبتدأ محذوف، والجملة صلة أي. ولو صح ما قال لجاز، ظهور المبتدأ، ولكان أولى من حذفه، لأن كمال الصلة أولى من اختصارها، ولو صح ما قال لجاز أن يغني عن المرفوع بعد أي جملةٌ فعلية وظرف، كما يجوز ذلك في غير النداء، وفي امتناع ذلك دليل على أن أيّا غير موصولة.
وأجاز المازني نصب أي، قال الزجاج: ولم يجز أحد من النحويين هذا المذهب قبله، ولا تابعه أحد بعده، فهذا مطرح مردود، لمخالفته كلام العرب. ذكر هذا الزجاج في كتاب المعاني، عند قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) ويساوي اسم الإشارة أيًّا في وجوب رفع صفته، واقترانها بالألف واللام الجنسيتين. ويخالفها بجواز استغنائه عن الوصف، ويجوز أن يتبع بغير وصف. وعلى هذا نبهت بقولي: واسم الإشارة في وصفه بما لا يستغنى عنه كأي في وصفها، وكغيرها في غيره. ولذلك قال الخليل: إذا قلت: ياهذا، وأنت تريد أن تقف عليه، ثم تؤكده باسم يكون عطفا عليه فأنت فيه بالخيار، وإن شئت نصبت وإن شئت رفعت، وذلك: ياهذا زيد، وإن شئت قلت: زيدا، كقولهم: ياتميم أجمعون وأجمعين، وكذلك: ياهذان زيد وعمرو. وإن شئت: زيدا وعمرا، فيجرى ما يكون عطفا على الاسم مجرى ما يكون وصفا.
وقال سيبويه: واعلم أنه لا يجوز أن تنادي اسما في الألف واللام ألبتة، إلا أنهم قد قالوا: ياالله اغفر لي، من قبل أن الألف واللام لا تفارقانه، وهما فيه خلف عن همزة إله، وليس بمنزلة الذي، قال: لأن الذي – وإن كان لا تفارقه الألف واللام – ليس اسما غالبا كزيد وعمرو، لأنك تقول: يأيها الذي. قال كما تقول: يأيها الرجل، فامتنع: ياالذي، كما امتنع: يا الرجل. ولا يجوز: يا الصعق، وإن كانت الألف واللام لا تفارقه، لأنهما غير عوض عن شيء هو من نفس الاسم، بخلاف اللذين هما في الله، فإنهما خلف عن همزة إله. هذا حاصل كلامه.