والجواب عن الأولى أن يقال: لزوم الشيء معنى لا يوجب له مزية، فيتعرف بالإضافة مع عدم لزومه لها، ولم يتعرف "غيرك" بها مع لزومه لها، كما ثبت للجميع على الجماء في قولهم: جاءوا الجماءَ الغفيرَ، بحيثُ عدَّ الجميع معرفة غير مؤولة بنكرة مع عدم لزوم الألف واللام، وأول الجماء الغَفير بنكرة مع لزوم الألف واللام.
والجواب عن الثانية أن يقال: المعتبر في كون المعرفة معرفة الدلالة المانعة من الشياع، سواء حصل ذلك من جهة واحدة أو من جهتين. والمعتبر في ترجيح التعريف قوة منع الشياع وزيادة الوضوح، ومعلوم أن اسم الإشارة وإن عين المشار إليه حقيقته لا تستحضر به على التزام، ولذلك لا يستغني غالبا عن صفة تكمل دلالته، بخلاف العلم، لا سيما علم لم تعرض فيه شركة، كإسرائيل وطالوت وأُدَد ونِزار ومكة ويثرب.
وذهب ابن كيسان إلى أن ذا الأداة أعرف من الموصول، وشبته أن ذا الأداة يوصف بالموصول كقوله تعالى (قل من أنزل الكتاب الذي جاء به موسى) والموصوف به إما مساو وإما دون الموصوف، ولا قائل بالمساواة، فثبت كون الذي أقل تعريفا من الكتاب.
والجواب أن نقول: لا نسلم كون الذي في الآية صفة، بل هو بدل أو مقطوع على إضمار فعل ناصب أو مبتدأ، وعلى تقدير كون الذي صفة فالكتاب علم بالغَلَبة، لأن المَعْنيِّين بالخطاب بنو إسرائيل، وقد غلب استعمال الكتاب عندهم مرادا به التوراة، فألحق في عرفهم بالأعلام، فلا يلزم من وصفه بالذي جواز وصف غيره مما لم يلحق بالأعلام.
وبالجواب الأول يجاب من أورد نحو قوله تعالى (لا يصْلاها إلا الأشقى* الذي كذَّب وتولى* وسيُجنَّبها الأتقى* الذي يُؤتي ماله يتزكى) وقد تقدمت الإشارة إلى أن الموصول قد تتضح صلته وضوحا تجعله في رتبة العلم، ولا يكون ذلك في ذي