فيكمل تعريفه بكمال وضوحها وينقص بنقصانها. ثم المعرَّفُ بالأداة، والمعرَّف بالإضافة بحسب المضاف إليه.
وسيأتي عند ذكر كل واحد منها ما يختص به من بيان وتفصيل.
وقد يعرض للمفوق ما يجعله مساويا أو فائقًا، كقولك لرجلين حضراك دون ثالث: لك مَبَرَّةٌ، بل لك، فإنهما لا يعرفان بمجرد هذا اللفظ المعطوف من المعطوف عليه ما لم يُعْضَد اللفظ بمواجهة أو نحوها. بخلاف قوله: للكبير منكما مبرة بل للصغير، أو بالعكس. أو يقول: للذي سبق منكما مبرة بل للذي تأخر، فإنهما لا يرتابان في مراده بالأول والثاني، فقد عرض لذي الأداة والموصول ما جعلهما فائقين في الوضوح لضمير الحاضر.
وكذلك يعرض للعلم ما يجعله أعرف من ضمير المتكلم كقول من شُهرَ باسم لا شركة له فيه لمن قال له: من أنت؟ أنا فلان. ومنه قوله تعالى (أنا يوسف) فالبيان لم يستفد بأنا بل بالعلم بعده.
وقد يعرض للموصول مثل الذي عرض للعلم كقول من شُهرَ بفعل لا شركة فيه لمن قال: من أنت؟ أنا الذي فعل كذا. ومن هذا القبيل: سلام الله على من أنْزِل عليه القرآن، وعلى من سجدت له الملائكة، ومن حفر بئر زمزماه.
وتمييز النكرة بعد عَدِّ المعارف بأن يقال: وما سوى ذلك نكرة، أجود من تمييزها بدخول رُبَّ والألف واللام، لأن من المعارف ما تدخل عليه الألف واللام كفضل وعباس، ومن النكرات ما لا تدخل عليه رُبَّ ولا الألف واللام كأينَ وكيفَ وعَرِيبٍ ودَيّار.
واسم الإشارة عند الكوفيين أعرف من العلم، ولهم في ذلك شبهتان: إحداهما: أن اسم الإشارة ملازم للتعريف غير قابل للتنكير، والعلم بخلاف ذلك، فكان تعريفه دون تعريف اسم الإشارة، والثانية: أن تعريف اسم الإشارة حسي وعقلي، وتعريف العلم عقلي لا غير، وتعريفٌ من جهتين أقوى من تعريف من جهة.