وقول الآخر:

معينك إني ما برحت فلا تزلْ ... معيني على ما مِلامُور أروم

أراد الأول: ما كانه عاجله، وأراد الثاني: ما برحته، فحذفا الضميرين ونوياهما. والتقدير في: ليس الغالب: ليسه الغالب، والضمير ضمير الأشرم، وهو خبر ليس، واسمها الغالب.

وأجاز أبو علي أن يكون من هذا القبيل قول الشاعر:

عدوُّ عينيك وشانِيهما ... أصبحَ مشغولٌ بمشغول

على تقدير: أصبحه مشغول بمشغول. ومما يجوز أن يكون من هذا قول أبي أمامه رضي الله عنه: "يا نبي الله أو عصى كان آدم".

وجعل صاحب المستوفى "أي" التفسيرية حرف عطف في نحو: مررت بغضنفر أي أسد، ونهيتك عن الونى أي الفتور. والصحيح أنها حرف تفسير، وما يليها من تابع عطف بيان موافق ما قبلها في التعريف والتنكير. وجعلها حرف عطف يستلزم مخالفة النظائر من وجهين: أحدهما: أن حق حرف العطف المعطوف به في غير توكيد أن يكون ما بعده مباينا لما قبله، نحو: مررت بزيد وعمرو، وما بعد أي بخلاف ذلك.

الثاني: أن حق حرف العطف المعطوف به غير صفة ألا يطرد حذفه، وأي بخلاف ذلك، فإن لك أن تقول في: مررت بغضنفر أي أسد: مررت بغضنفر أسد، ويستغنى عن "أي" مطردا، ولا يجوز ذلك في شيء من المعطوفات، فالقول بأن أي حرف عطف مردود، وباب ما أخذ به مسدود.

ص: فالستة الأوائل تشترك لفظا ومعنى، و"بل" و"لا" لفظا لا معنى، وكذا "أم" و"أو" إن اقتضيا إضرابا. وتنفرد الواو بكون متبعها في الحكم محتملا للمعية برجحان، وللتأخر بكثرة، وللتقدم بقلة، وبعدم الاستغناء عنها في عطف مالا يستغنى عنه، ويجوز أن يُعطف بها بعض متبوعها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015