ولا خلاف في موافقة عطف البيان متبوعه في الإفراد والتثنية والجمع، والتذكير والتأنيث، ويتوافقان أيضا في التعريف والتنكير. وزعم الشيخ أبو علي الشلوبين أن مذهب البصريين التزام تعريف التابع والمتبوع في عطف البيان، ولم أجد هذا النقل من غير جهته، وعلى تقدير صحة النقل، فالدليل أولى بالانقياد إليه، والاعتماد عليه، وذلك أن الحاجة داعية إليه في المعرفتين فهي في النكرتين أشد، لأن النكرة يلزمها الإبهام فهي أحوج إلى ما يبينها من المعرفة، فتخصيص المعرفة بعطف البيان خلاف مقتضى الدليل، واستعماله مطلقا مذهب الفراء وغيره من الكوفيين، وهو أيضا مذهب الزمخشري، فإنه حكم بذلك في موضع من الكشاف، وهو أيضا مذهب أبي علي الفارسي، فإنه أجاز العطف والإبدال في "مقام" من قوله تعالى: (فيه آيات بينات مقام إبراهيم) فجعله عطف بيان، مع كونه معرفة وآيات نكرة، وقوله في هذا مخالف لإجماع البصريين والكوفيين، فلا يلتفت إليه.
وزعم أكثر المتأخرين أن متبوع عطف البيان لا يفوقه في الاختصاص، بل يساويه أو يكون أعم منه. والصحيح جواز الأوجه الثلاثة، لأنه بمنزلة النعت، وقد تقدم في بابه أن النعت يجوز أن يكون في الاختصاص فائقا ومفوقا ومساويا، فليكن العطف كذلك، وهو مذهب سيبويه رحمه الله، فإنه أجاز في: ذا الجُمّة، من: ياهذا ذا الجمة، أن يكون عطف بيان أو يكون بدلا، وقد تقدم الكلام على أن اسم الجنس الجامد مثل: رأيت ذلك الرجل، بيان، مع أنه أقل اختصاصا من اسم الإشارة، وتبين دليل ذلك هناك.
ص: ويجوز جعله بدلا، إلا إذا قرن بأل بعد منادى، أو تبع مجرورا بإضافة صفة مقرونة بآل، وهو غير صالح لإضافتها إليه، وكذا إذا أفرد تابعا لمنادى، فإنه ينصب بعد منصوب، وينصب ويرفع بعد مضموم، وجعل الزائد بيانا عطفا أولى من جعله بدلا.
ش: قد تقدم أن عطف البيان لا بد من موافقته المتبوع في التعريف والتنكير،