إليه ويبقى المضاف بحاله التي كان عليها قبل الحذف، كقول الراجز:

قبلَ وبعدض كُلِّ قولٍ يُغْتَنَمْ ... حمدُ الإله البَرِّ وَهّاب النِعمِ

أراد قبل كل قول فحذف المضاف إليه وترك المضاف على حاله قبل الحذف، أعني النصب وترك التنوين. والمراد بالتجريد الصريح أن يقطع عن الإضافة لفظا ومعنى كقول الشاعر:

فساغ ليَ الشرابُ وكنتُ قَبْلًا ... أكادُ أغَضُّ بالماءِ الحَميم

وإياه عنيت بقولي "إن نوى تنكيره". ولو كان في موضع جر لكسر كقراءة بعض القراء (لله الأمرُ من قَبلٍ ومن بَعْدٍ) أي أوّلا وآخرا. وجعل بعض العلماء قبلًا معرفة والتنوين عوضا من المضاف إليه، فبقي الإعراب مع العوض كما كان مع المعوض منه.

ثم قلت "أو لفظ المضاف إليه" فأشرت بذلك إلى أنه إذا حذف المضاف إليه لظهور معناه ونوى لفظه لقوة الدلالة عليه ترك المضاف بإعرابه وهيئته التي يستحقها مع بقاء المضاف إليه كقول الشاعر:

أمامَ وخلفَ المرْءِ مِنْ لُطْف ربِّه ... كوالِئُ تَزْوي عنه ما هو يَحْذَرُ

فأبقى أمام منصوبا غير منون كما لو نطق بما هو مضاف إليه من لفظ "المرء" المحذوف. وبقاء المضاف مع الحذف على هيئته أكثر ما يكون إذا عطف على المضاف مضاف لما يماثل المحذوف لفظا ومعنى. وقد يكون بخلاف ذلك كقول سويد بن كراع:

أكالِئُها حتى حَنى الزجْرُ قَدَّها ... يكونُ سُحَيْرًا أو بُعَيْدَ فأسحقا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015