أحب البلاد إلى الله وأبغضها إليه

روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحب البلاد إلى الله تعالى مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها).

وفي المسند عن جبير بن مطعم: (أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله! أي البلاد أحب الله؟ وأي البلدان أبغض إلى الله؟ -والبلاد هنا بمعنى: المواطن والأماكن- فقال: لا أدري حتى أسأل جبريل، فأتاه جبريل فأخبره أن أحب البقاع إلى الله المساجد، وأبغض البقاع إلى الله الأسواق).

فلا تشبه المسجد بالسوق أبداً، فالمسجد بيت الله عز وجل يجب عليك أن تحترمه وتعظمه، والسوق مكان الشيطان وفيه يرفع رايته.

ففي السوق الكذب، والغدر، والخداع، والغش، والخيانة، وأكل أموال الناس بالباطل، وفيه هيشات وصخب وضجيج، أما المسجد فلا يكون كذلك أبداً، ولذلك نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء في المسجد وقال لنا: (إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك، فإن المساجد لم تبن لهذا).

فالمسجد لا يشبه بالسواق أبداً، فلا ترفع فيه الأصوات، ولا تكون فيه عقود البيع والشراء والإجارة ونحوها، ولا يكون فيه أمور تؤذي المصلين، كما أن الأسواق فيها الرائحة الكريهة، والمساجد يجب أن يكون فيها الروائح الطيبة، فلا تؤذي أحداً في المسجد لا بصوت ولا بكلام ولا بضجيج، ولا ترفع صوتك إلا محتاجاً إلى ذلك، سواء كنت عالماً أو متعلماً سائلاً أو مسؤلاً، وقد ترفع صوتك بالقراءة كصلاة الجماعة مثلاً، أو في مجلس علم بشرط ألا تؤذي أحداً من المسلمين.

وبعض الإخوة يدخل المسجد وقد ضبط ساعته على وقت معين فتنبهه الساعة في المسجد وهذا تشبيه لها بالأسواق لأنه لم يحترمها، وكذلك التلفون قد يدخل به المسجد وينسى أو يتعمد بأن يتركه حتى يدخل في الصلاة، ثم يتصل به فإذا بالتلفون يشغل المصلين، والتلفونات أصبحت كلها موسيقى وأشياء تجعل الملائكة تنفر من المكان التي هي فيه؛ فلا تأت المسجد بالتلفون حتى لا تطرد الملائكة من المسجد، وحين تأتي إلى المسجد ضع تلفونك في بيتك ولا تأت به إلى المسجد وإذا جئت به فأغلقه.

وقد يقول قائل: إذا كانت نغمة التلفون موسيقى لكن على لحن الأذان؟

صلى الله عليه وسلم الأذان لا يصلح فيه هذا أصلاً، والذي يأذن ويتغنى في الأذان واقع في الحرام فقد جاء عن ابن عمر رضي الله عنه أنه دخل مسجداً فسمع المؤذن يتغنى في الأذان، فلما سمع المؤذن يتغنى لم يصل في المسجد الذي فيه ذلك، فلحقه المؤذن وقال: ما هذا يا أبا عبد الرحمن والله إني لأحبك في الله.

قال أبو عبد الرحمن: والله إني لأبغضك في الله.

فقال: ولم يا أبا عبد الرحمن؟ -وعبد الله بن عمر صحابي فاضل وهذا المؤذن تابعي- فقال له: لأنك تتغنى بالأذان وتأخذ عليه أجراً.

والتغني يكون في قراءة القرآن وليس في الأذان، فكأنه يقول له: تريد أن تشبه الأذان بالقرآن؟ والتغني لا يكون إلا في قراءة القرآن فقط، فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن).

فلا تقنت في الصلاة أو تدعو في الصلاة وتغني فيه وتقول: إن الناس يعجبهم هذا، وإلا فكل إنسان سيفعل مثل ذلك حتى يشبه الكلام العادي بكتاب الله عز وجل.

فالتغني فقط بالقرآن لا بالأذان ولا بالدعاء ولا بغيره.

جاء عن أحد السلف أنه دخل المسجد ثم خرج وقال: أخرجتني البدعة -قد يكون ابن عمر أو غيره- وذلك لأنه سمع المؤذن يتغنى بالأذان.

فإذا كان التغني بالأذان ممنوع منه فما بالك بالموسيقى التي على صوت الأذان، وليست بأذان أصلاً، فلا يجوز لك أن تدخل بها بيت الله سبحانه وتعالى، وقد تكون معذوراً بأن تكون محتاجاً لهذا الجهاز وفيه نغمات الموسيقى، لكن ليس معنى ذلك أن تدخل به المسجد والله أعلم.

نكتفي بهذا القدر، وأقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015