روى الإمام أبو داود حديثاً عن أبي أمامة وفيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاثة كلهم ضامن على الله -يعني: مضمون لهم ما وعدهم الله عز وجل به- إن عاش رزق وكفي، وإن مات أدخله الله الجنة) وأمنية كل إنسان هي: أن يرزقه الله ويكفيه إذا عاش وأن يدخله الجنة إذا مات، قال النبي: (من دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله) والإنسان الذي يتعود السلام على الخلق وعلى أهله يتعامل مع الناس بالأمن والأمان والطمأنينة فيكون سالم مسالم، لا يريد أن يؤذي أحداً من الناس، والسلام عنوان لذلك، وبعض الناس مع الغريب يقول: السلام عليكم، لكنه إذا دخل بيته يضرب هذا ويرفع صوته على هذا ويوقظ هذا مع أن النبي قال: (خيركم خيركم لأهله) فإذا سلمت حين تدخل البيت فأنت مأجور على ذلك، وسيرزقك الله سبحانه ويدخلك الجنة.
فالسلام مفتاح حسن الخلق، فإذا كان خلقك حسناً فأنت تستحق من الله أن يرزقك، وأن يكفيك، وأن يدخلك الجنة، فكأن السلام عنوان حسن خلق الإنسان، ومن الناس من يدخل بيته ولا يسلم! كأن يدخل إلى الأكل والشرب مباشرة، أو يقول: صباح الخير، أو مساء الخير، وينسى التسليم الذي جاءنا به القرآن وجاءت به السنة، وهو قول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
ولو أنك كلما دخلت بيتك سلمت اعتاد أهل البيت ذلك وحرسته الملائكة، فكان في سلام وطمأنينة، وأمن وبركة من الله عز وجل وهذا هو معنى قوله: إن الله عز وجل ضامن لمن دخل بيته فسلم عليهم.
قال: (ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله) أي: إذا ذهبت إلى صلاة الجماعة وأنت مأمور بها فإن الله هنا من لك الرزق والجنة.
فلا تضيع الجماعة، ولا تصل متكاسلاً في بيتك، وتقول: عندي عمل والصلاة ستضيع علي الوقت، الصلاة لن تضيع عليك شيئاً.
أحياناً بعض الناس قد يعمل عند شخص من الأشخاص فيقول لصاحب العمل: اسمح لي أن أصلي صلاة الجماعة، وأحياناً قد يكون صاحب العمل سيء الخلق فيمنعه من الصلاة، وأحياناً يكون المصلي نفسه هو السبب في منعه من صلاة الجماعة؛ لأن صلاة الجماعة قد تأخذ من الوقت عشر دقائق، أو ربع ساعة، فيذهب يصلي في جماعة ويتأخر ساعتين فيمنعه صاحب العمل بسبب ذلك، فالعمل عليك واجب لأنك تأخذ عليه أجراً، فاعط العمل حقه، وصلاة الجماعة لها قدر معين، فالله لم يأمرك أن تصلي صلاة الجماعة ساعتين، فتصلي في المسجد ثم تتكلم مع هذا وتتحدث مع هذا، ثم بعد ذلك تأتي إلى العمل، فإذا أردت أن تصلي صلاة الجماعة فاذهب وقت صلاة الجماعة، ثم صل ركعتين، ثم ارجع إلى عملك عندئذٍ يعرف صاحب العمل أنك أمين مع الله عز وجل، وستكون أميناً على عملك.
وإذا تركت الصلاة لست مأموناً على دينك ولذلك لن تكون مأموناً على عملك، والله سبحانه وتعالى لا يجعل صاحب العمل في كثير من الأحيان يحب تارك الصلاة ويتمسك به.
وكثير ممن ترك الصلاة يذهب يبحث عن عمل فلا يقبله صاحب العمل أبداً، بخلاف المحافظ على الصلاة فإنهم يحبونه ويقولون عنه: إنه أمين وإنه ممتاز.
فيجب عليك أن تؤدي الأمانات إلى أصحابها، وأمانة الله عز وجل الصلاة فتؤديها في وقتها، وتصليها حيث ينادى بها، وأمانة صاحب العمل إن تواظب على عملك في وقته ولا تفرط فيه، وسوف تؤجر على هذا كله.
فإذا كنت تصلي الصلوات المكتوبات في بيت الله عز وجل فالله ضامن أن يرزقك ويكفيك سبحانه وتعالى، وإذا مت أن يدخلك الجنة.
قال: (ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله) أي: ومن خرج مجاهداً في سبيل الله عز وجل فهو ضامن على الله أن يرجعه بأجر وغنيمة أو يستشهد فيكون في أعلى عليين.