شرح حديث أبي الدرداء في التخفف من الدنيا

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن بين أيديكم عقبة كؤوداً)، أي: أمامكم عقبة كؤوداً، أي صعبة، وحاجزة، وطريق وعر كالجبل يصعب أن تمروا عليه إلا أن تكونوا متخففين.

وهذا ضرب مثل، فالإنسان الذي يسافر إذا كان الطريق الذي يسافر فيه سهلاً كأن يمشي في سهول وفي أرض منبسطة فمن السهل أن يحمل الجمل الذي يركبه، أو السيارة التي يركبها أحمالاً كثيرة؛ لأنها ستسير في الطريق السهل.

وأما إذا كان طريقه صعباً وعراً في جبل، وفي صعود، فإنه يصعب عليه أن يحمل دابته أو سيارته أشياء كثيرة؛ لأنها لن تستطيع أن تتجاوز هذا الجبل، وهذه العقبة الكؤود، ولذلك فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: أمامكم عقبة كؤود، حتى تتخطوا هذه الدنيا وتصلوا إلى الآخرة، فتنجوا وتدخلوا الجنة بغير حساب ولا عذاب.

وهذه العقبة في الدنيا، وفي الموقف، وفي السؤال، وفي المرور على الصراط، حتى تصلوا إلى الجنة، فهناك زمن طويل، ومصاعب جمة في الطريق، والذي ينجو من هذا كله هو المتخفف.

كالذي يركب سيارة فارغة ليس فيها حمولة، فإنه يجري بها، ويسير بسرعة، حتى لو صعد بها مكاناً فإنها تصعد به بسهولة.

فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن وراءكم عقبة كؤوداً لا يجوزها المثقلون).

وهنا عن أم الدرداء أنها قالت لـ أبي الدرداء رضي الله عنه: ما لك لا تطلب ما يطلب فلان وفلان؟ يعني: لماذا لا تصاحب الأمير، وتذهب إلى الخليفة وتتكلم معه من أجل أن يعطيك من المال؟ فقال أبو الدرداء رضي الله عنه: إن وراءكم عقبة كؤوداً، لا يجوزها المثقلون.

يعني: لو ذهبت وعملت مثل ما عمل فلان وفلان، وامتلأت بالأموال الكثيرة، فقد ثقلت نفسي بها، فيوم القيامة يسألني الله سبحانه تبارك وتعالى عن هذه الأموال جميعها، من أين جمعتها؟ وفيم أنفقتها؟ فيصير السؤال طويلاً وصعباً، والمرور على الصراط أصعب فاتركيني خفيفاً على هذه الحال أفضل من الثقل، وألا أجوز الصراط.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015