الحمد الله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
قال الإمام المنذري رحمه الله: [الترغيب في الفراغ للعبادة والإقبال على الله تعالى، والترهيب من الاهتمام بالدنيا والانهماك عليها.
عن معقل بن يسار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يقول ربكم: يابن آدم! تفرغ لعبادتي أملأ قلبك غنى، وأملأ يديك رزقا، يا ابن آدم لا تباعد مني أملأ قلبك فقرا، وأملأ يديك شغلا) رواه الحاكم وقال: صحيح الإسناد.
وعن أبي الدرداء رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما طلعت شمس قط إلا بعثت بجنبتيها ملكان إنهما يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين: يا أيها الناس! هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى، وما غربت شمس قط إلا وبعث بجنبتيها ملكان يناديان: اللهم عجل لمنفق خلفا، وعجل لممسك تلفا) رواه أحمد وابن حبان.
وعن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من كانت الدنيا همه فرق الله عليه أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله له أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة) رواه ابن ماجة ورجاله ثقات.
إن الإنسان خلق لعبادة الله عز وجل وتوحيده وإقامة شرعه ودينه، قال الله عز وجل: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات:56 - 57].
فإذا عرف المؤمن الهدف من خلقه، عمل به، وعمل له، واستعد للقاء الله سبحانه، ليسأله ما الذي عمله في هذه الدنيا، هل عبد الله عز وجل حق عبادته، أم أن الدنيا قد ألهته فانشغل بها؟ فهو يعبد الله سبحانه في كل أعماله، يعبد ربه بصلاته، وصيامه، وزكاته، وحجه، وعمرته، ويعبد ربه بأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، كما يعبد ربه بزواجه، وبتربية أهله وأولاده، ويعبد ربه بالدعوة إليه سبحانه، ويعبد ربه كذلك بالعمل ليطعم أهله وأولاده ويكف نفسه عن سؤال الغير؛ ويتعبد لربه بأن يتقن عمله، فالله عز وجل يحب المؤمن الذي يحسن صنعته ويتقن عمله، وهكذا فالمؤمن في كل وجوه الخير له فيه عبادة.