ومن الأحاديث الذي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم في الأمانة حديث حذيفة رضي الله تبارك وتعالى عنه الذي رواه مسلم وغيره، وفيه يقول: (حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة، ثم حدثنا عن رفع الأمانة).
فحدث النبي صلى الله عليه وسلم عن الأمانة، فذكر أن الله عز وجل جعلها في جذر قلوب الرجال، فمن هم هؤلاء الرجال؟ إنهم الرجال الصادقون، الرجال الذين تابعوا النبي صلى الله عليه وسلم، وبايعوا على طاعة الله سبحانه تبارك وتعالى، فنزلت الأمانة في قلوب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين دخلوا في الإسلام وهم صادقون، فالله جعل الأمانة في جذر قلوبهم، يعني: في أصل قلوبهم، فهي أمانة ثابتة لا تتزعزع أبداً، ولا تخرج من قلوبهم.
قال: (إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال، ثم نزل القرآن، فعلموا من القرآن وعلموا من السنة) يعني: نزلت الأحكام الشرعية، وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فضلهم الله عز وجل، وبارك فيهم وفي أعمالهم وأعمارهم، ولما أسلموا ملأ الله قلوبهم بالأمانة، ثم نزل القرآن فهذب هذه القلوب وهذه الأبدان، وجاءت السنة فتعلموا وتأدبوا، ورباهم النبي صلى الله عليه وسلم.