والأشياء التي تعينه على ذلك: الخوف من الله سبحانه وتعالى، ومعرفة أن الله يراقبه، وأن الله يحاسبه، وأنه بخرقه وبعنفه وبشدته يبعد عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، ففي حديث أبي ثعلبة الخشني يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن أحبكم إلي وأقربكم مني في الآخرة أحاسنكم أخلاقاً، وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقاً: الثرثارون والمتفيهقون والمتشدقون).
والإنسان سيئ الخلق فيه استكبار، ومن أفحش أخلاق الإنسان الكبر، بأن يكون مغروراً متكبراً.
وكذلك الثرثرة وكثرة الكلام، فيريد أن يتكلم وحده وغيره لا يتكلم، ولا يستمع لأحد أبداً، إنما هو دائماً يتكلم سواء في الخير أو في الشر أو في أي شيء، فهو يريد أن يتصدر القوم.
والثرثارون: هم كثيروا الكلام، والمتكلفون فيه، والمتفيهقون: كلمة (المتفيهق) كأنها مأخوذة من الفهق، والفهق: امتلاء الفم بالكلام، فكأن المتكلم متشدق بذلك، يعني: أنه يريد أن يري الناس أنه إنسان بليغ، وأنه يعرف أن يتكلم، ويقول الذي لا يقال، والذي لا يعرف أحد أن يقوله.
وكذلك الأصل: التفقه، وفقه بمعنى: فهم، ومنه متفقه، وإنسان يتعلم الفقه وإنسان متفيقه يعني: طالب صغير يطلب الفقه.
فالمتفيهق إذا كان طالباً صغيراً من طلبة العلم فهو على خير، لكن إذا كان مغروراً شديداً فهو متفيهق، يعني: أنه كثير الكلام، يريد أن يتكلم وهو جاهل قليل العلم.
فهنا إذا أمر الإنسان بالمعروف ونهى عن المنكر إذا كان على علم فإن يكون حليماً ويكون صبوراً، وإذا كان جاهلاً فإن يخاف من الذي أمامه ألا يحرجه بسؤاله عن حجته، فيداري جهله بعنفه وبشدته وبرفع صوته وبصخبه.
إذاً: الإنسان المؤمن لا يكون على هذه الصفات أبداً، فالمؤمن رفيق، والله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف.