نظر ابن عمر يوماً إلى الكعبة فقال: ما أعظمك! وما أعظم حرمتك! يعني: أن حرمتك عظيمة، قال: ولكن المؤمن أعظم حرمة عند الله منك، يعني: أن الإنسان لا يؤذي مسلماً ولا يتكلم عنه، ولا يفضحه، فإذا وجدت من أخيك سوءاً فائمره بالمعروف وانهه عن المنكر ولا تفضحه، إلا أن يكون هو فضح نفسه فيستاهل ما يحدث له، ولكن الإنسان الذي ستر على نفسه فاستر عليه، وخاصة إذا كان من ذوي الهيئات.
وذوي الهيئات: هم الناس الكبراء، فالإنسان الذي له مقام بين الناس وله فضل والناس يعرفونه فهذا إنسان مهذب، وهذا إنسان محترم، وهذا إنسان له عند الناس مكانة، وإن كان لا يوجد إنسان يخلو من معصية، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون)، فالإنسان الذي له شرف فضل بين الناس، لعله يقع في شيء من الزلل يوماً من الأيام، ولعله يفلت منه لسانه بشيء، فلا تأخذ زلته وتجري بها وتنشرها، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أقيلوا ذوي الهيئات عثراتهم)، وكل المؤمنين استر عليهم جميعاً، وخاصة ذوي الهيئات؛ لأن الناس إذا علموا أن فلاناً رجل محترم فإنهم يقتدون به، فإذا وجدت عليه شيئاً فلا تفضحه؛ لأنه إذا كان كل الناس يفضح بعضهم بعضاً فستتشوه سمعة كل الناس، والناس بعد ذلك سيقتدون بلاعب الكرة، وبالرقاصة وبالمغني، وسيتركون أهل الفضل، فلذلك دع الناس يقتدون بالعلماء وبأهل الخير، فإذا وجدت منهم زلة من الزلات فأمر بالمعروف وانه عن المنكر، ولا تفضح إنساناً، ولا تشهر بإنسان؛ حتى لا تضيع دين الله عز وجل.
نسأل الله العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم، وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.