الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم صلّ وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحابته أجمعين.
أما بعد: قال الإمام المنذري: [الترغيب في ستر المسلم، والترهيب من هتكه وتتبع عورته.
روى الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من نفَّس عن مسلم كربة من كرب الدنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه).
وروى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يستر عبد عبداً في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة).
عن مكحول أن عقبة بن عامر أتى مسلمة بن مخلد فكان بينه وبين البواب شيء، فسمع صوته فأذن له، فقال: إني لم آتك زائراً، ولكن جئتك لحاجة؛ أتذكر يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من علم من أخيه سيئة فسترها ستر الله عليه يوم القيامة) قال: نعم، قال: لهذا جئت.
رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح].
عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من ستر عورة أخيه ستر الله عورته يوم القيامة، ومن كشف عورة أخيه المسلم كشف الله عورته حتى يفضحه بها في بيته)].
هذه الأحاديث عن النبي صلوات الله وسلامه عليه في حسن الخلق، ومنها: خلق الستر على المسلمين؛ فإن الإنسان المسلم من طبيعته أنه كتوم، وأنه يستر ما يراه من شر، وأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ ليكن بين الناس الخير، وحتى يقل بين الناس الشر، وإذا نهى عن منكر فليس غايته أن يفضح صاحب المنكر، وإنما غايته أنه يمنع الشرور التي هي موجودة بين الناس، فيأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ولا يفضح الناس.
وقد جاءت أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قضية من أمر بالمعروف، ونهى عن المنكر، وستر على من أمره ونهاه ولم يفضحه، وجاءت أيضاً أحاديث في الترهيب والتخويف ممن يحب أن يهتك حرمات المسلمين، ويكشف عوراتهم وسوءاتهم.